لو كان المولى هو الذي زوجها وكذلك الصبي إذا أجره الوصي في عمل من الأعمال فلم يعمل حتى بلغ الصبي مبلغ الرجال فهو بالخيار بين المضي على الإجارة وفسخها وكذلك الأب إذا أجر ابنه ثم أدرك الابن لما بينا أن في إجارة النفس كدا وتعبا فلا يلزم من الأب والوصي في حق الصبي بعد بلوغه وما يلحقه من المشقة يصير عذرا له في الفسخ بخلاف ما لو أجر داره أو عبده سنين معلومة فأدرك الغلام لم يكن له أن يبطل الإجارة والشافعي رحمه الله تعالى يسوي بينهما فيقول العقد نفذ بولاية تامة فلا يثبت له حق الفسخ بعد ذلك في الفصلين والفرق لنا بين الفصلين من وجهين أحدهما أنه ليس في إجارة الدار والعبد معنى الكد والعار في حق الصبي إذا أدرك فلا يثبت له حق الفسخ بخلاف إجارة النفس والثاني أن إجارة الدار والعبد يملك بالولاية ألا ترى أن من لا ولاية له من القرابات ممن يعول الصبي ليس له ولاية إجارة داره وعبده فإذا نفذ باعتبار قيام ولايتهما يجعل كأنهما باشراه بعد البلوغ بالولاية فأما صحة إجارة النفس ليس باعتبار الولاية بل باعتبار المنفعة والمصلحة للولد في ذلك ليتأدب ويتعلم ما يحتاج إليه ألا ترى أن من يعول اليتيم بملك ذلك منه وببلوغه زال هذا المعنى لأنه صار من أهل النظر لنفسه فيما يحتاج إليه فلهذا يثبت له الخيار وإذا أجر العبد المحجور عليه نفسه من رجل سنة بمائة درهم للخدمة فخدمه ستة أشهر ثم أعتق فالقياس أن لا يجب الأجر لأن المستأجر كان ضامنا له حين استعمله بغير إذن مولاه والأجر والضمان لا يجتمعان ولكنا نستحسن إذا سلم العبد أن يجعل له الأجر فيما مضى لأن في ذلك محض منفعة لا يشوبه ضرر والعبد غير محجور عن اكتساب المال وما يكون فيه محض منفعة كالاحتطاب والاحتشاش بخلاف ما إذا هلك فإن الضمان قد تقرر عليه من حين استعمله وهو يملكه بالضمان من ذلك الوقت فتبين أنه استعمل عبد نفسه فلا يجب الأجر وبه فارق الصبي المحجور إذا أجر نفسه ومات في خلال العمل فإنه يجب الأجر بحساب ما عمل لأن الصبي الحر لا يملك بالضمان فلا ينعدم السبب الموجب للأجر فيما مضي وإن هلك الصبي من استعماله غرم ديته وإذا سلم العبد من العمل حتى وجب الأجر بحساب ما مضي يقبضه العبد فيدفعه إلى مولاه لأنه وجب بعقده ولكن بمقابلة منافع هي مملوكة للمولى فيلزمه دفعه إلى المولى وتجوز الإجارة فيما بقي من السنة للعبد ولا خيار له في نقض الإجارة لأنها نفذت بعد عتقه بغير إجارة المولى فكأنه باشره بعد العتق ألا ترى أن أمة