فعند المساواة يغلب ما هو الأوجب وهو الامتناع عن الصلاة على الكفار ولا يجوز المصير إلى التحرى هنا عندنا لما بينا أن العمل بغالب الرأى في موضع الضرورة ولا تتحقق الضرورة هنا وذكر في ظاهر الرواية أنهم يدفنون في مقابر المشركين لأن في حكم ترك الصلاة عليه جعل كانهم كفار كلهم فكذلك في حكم الدفن هذا قول محمد رحمه الله تعالى فأما على قول أبي يوسف رحمه الله ينبغي أن يدفنوا في مقابر المسلمين مراعاة لحرمة المسلم منهم فإن الإسلام يعلو ولا يعلى ودفن المسلم في مقابر المشركين لا يجوز بحال وقيل بل يتخذ لهم مقبرة على حدة لا من مقابر المسلمين ولا من مقابر المشركين فيدفنون فيها وأصل هذا الخلاف بين الصحابة رضي الله عنهم في نظير هذه المسألة وهو أن النصرانية إذا كانت تحت مسلم فماتت وهي حبلى فإنه لا يصلي عليها لكفرها ثم تدفن في مقابر المشركين عند علي وبن مسعود رضي الله عنهما ومنهم من يقول تدفن في مقابر المسلمين لأن الولد الذي في بطنها مسلم ومنهم من يقول يتخذ لها مقبرة على حدة فهذا مثله وهذا كله إذا تعذر تمييز المسلم بالعلامة فإن أمكن ذلك وجب التمييز ومن العلامة للمسلمين الختان والخضاب ولبس السواد فأما الختان فلأنه من الفطرة كما قال صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة وذكر من جملتها الختان إلا أن من أهل الكتاب من يختتن فإنما يمكن التمييز بهذه العلامة إذا اختلط المسلمون بقوم من المشركين يعلم أنهم لا يختتنون وأما الخضاب فهو من علامات المسلمين قال صلى الله عليه وسلم غير والشيب ولا تتشبهوا باليهود وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يختضب بالحناء والكتم حتى قال الراوي رأيت بن أبي قحافة رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحيته كأنها ضرام عرفج واختلفت الرواية في أن النبي صلى الله عليه وسلم هل فعل ذلك في عمره والأصح أنه لم يفعل ولا خلاف أنه لا بأس للغازي أن يختضب في دار الحرب ليكون أهيب في عين قرنه وأما من اختضب لأجل التزين للنساء والجواري فقد منع من ذلك بعض العلماء رحمهم الله تعالى والأصح أنه لا بأس به وهو مروي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى قال كما يعجبني أن تتزين لي يعجبها أن أتزين لها وأما السواد من علامات المسلمين جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه عمامة سوداء وقال صلى الله عليه وسلم إذا لبست أمتي السواد فابغوا الإسلام ومنهم من روى فانعوا والأول أوجه فقد صح أن