من خارج المصر فإنه تقبل شهادته فقد ذكر بعد هذا أيضا أو جاء من مكان آخر وأخبر بذلك وهكذا ذكره الطحاوي رحمه الله تعالى في كتابه لأنه يتفق من الرؤية في الصحاري ما لا يتفق في الأمصار لما فيها من كثرة الغبار وكذلك إن كان في المصر على موضع مرتفع فقد يتفق له من الرؤية ما لا يتفق لمن هو دونه في الموقف رجل تزوج امرأة فجاء رجل مسلم ثقة أو امرأة فأخبر أنهما ارتضعا من امرأة واحدة فأحب إلى التنزه عنها فيطلقها ويعطيها نصف الصداق إن لم يكن دخل بها والكلام في هذه المسألة في فصلين أحدهما في الحكم والآخر في التنزه أما في الحكم فالحرمة لا تثبت بشهادة امرأة واحدة على الرضاع عندنا ما لم يشهد به رجلان أو رجل وامرأتان وعند الشافعي يثبت بشهادة أربع نسوة كما هو مذهبه فيما لا يطلع عليه الرجال وزعم أن الرضاع لا يحل مطالعته للأجانب من الرجال ولكن نقول الإرضاع يكون بالثدي وذلك مما يحل مطالعته لذي الرحم المحرم ثم قد يكون بالإيجار وذلك مما يطلع عليه الأجانب ومالك كان يقول يكتفي بشهادة الواحد لإثبات الحرمة بالرضاع وذلك مروي عن عثمان رضي الله عنه واستدل فيه بحديث بن أبي مليكة بن عقبة أن عقبة بن الحارث رضي الله تعالى عنهما تزوج بنت اهاب فجاءت امرأة سوداء فأخبرت أنها أرضعتهما جميعا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال له صلى الله عليه وسلم كيف وقد قيل هذا القدر ذكره محمد رحمه الله تعالى وأهل الحديث يروون ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما فهو حجة مالك رحمه الله تعالى .
( وحجتنا ) في ذلك حديث عكرمة بن خالد قال عمر رضي الله عنه لا يقبل على الرضاع أقل من شاهدين ولأن هذه شهادة تقوم لأبطال الملك ولا تتم الحجة فيه إلا بشاهدين كالعتق والطلاق فأما الحديث ففيه إشارة إلى التنزه بقوله كيف وقد قيل ولو ثبتت الحرمة بخبرها لما أشار إلى التنزه بهذا اللفظ والزيادة التي يرويها أهل الحديث لم تثبت عندنا والدليل على ضعفه ما روى عن عقبة بن الحارث رحمه الله تعالى أنه قال تزوجت بنت أبي إهاب فجاءت امرأة سوداء تستطعمنا فأبينا أن نطعمها فجاءت من الغد تشهد على الرضاع ومثل هذه الشهادة تكون عن ضغن فلا تتم الحجة بها فأما بيان وجه التنزه أن المخبر إذا كان ثقة فالذي يقع في قلوب السامعين أنه صادق فيه فصحبتها تريبه ومفارقتها لا تريبه ولو أمسكها ربما يطعن فيه أحد ويتهمه وقال صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم وقال