يستحلف البائع لتجرد شهادتهن عن مؤيد فإذا انضم نكول البائع إلى شهادتهن ردت عليه وإن لم يجدوا امرأة تداوي تلك القرحة ولم يقدروا على امرأة تعلم ذلك إذا علمت وخافوا أن تهلك أو يصيبها بلاء أو وجع لا تحتمله فلا بأس أن يستروا منها كل شيء إلا موضع تلك القرحة ثم يداويها رجل ويغض بصره ما استطاع إلا عن ذلك الموضع لأن نظر الجنس إلى غير الجنس أغلظ فيعتبر فيه تحقق الضرورة وذلك لخوف الهلاك عليها وعند ذلك لا يباح إلا بقدر ما ترتفع الضرورة به وذوات المحارم وغيرهم في هذا سواء لأن النظر إلى موضع العورة لا يحل بسبب المحرمية فكان المحرم وغير المحرم فيه سواء .
( قال ) ( والعبد فيما ينظر من سيدته كالحر الأجنبي ) معناه أنه لا يحل له أن ينظر إلا إلى وجهها وكفيها عندنا وقال مالك نظره إليها كنظر الرجل إلى ذوات محارمه لقوله تعالى ! < أو ما ملكت أيمانهن > ! 31 ولا يجوز أن يحمل ذلك على الإماء لأن ذلك دخل في قوله تعالى ! < أو نسائهن > ! 31 ولأن هذا مما لا يشكل لأن للأمة أن تنظر إلى مولاتها كما للأجنبيات فإنما يحمل البيان على موضع الإشكال وعن أم سلمة أنه كان لها مكاتب فلما انتهي إلى آخر النجوم قالت له أتقدر على الأداء فقال نعم فاحتجبت وقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا كان لاحداكن مكاتب فأدى آخر النجوم فلتحتجب منه والمعني فيه أن بينهما سبب محرم للنكاح ابتداء وبقاء فكان بمنزلة المحرمية بينهما وإباحة النظر عند المحرمية لأجل الحاجة وهو دخول البعض على البعض من غير استئذان ولا حشمة وهذا يتحقق فيما بين العبد ومولاته .
( وحجتنا ) في ذلك ما روي عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير رضي الله عنهما قالا لا يغرنكم سورة النور فإنها في الإناث دون الذكور ومرادهما قوله تعالى ! < أو ما ملكت أيمانهن > ! 31 والموضع موضع الإشكال لأن حال الأمة يقرب من حال الرجل حتى تسافر بغير محرم فكان يشكل أنه هل يباح لها الكشف بين يدي أمتها ولم يزل هذا الإشكال بقوله تعالى ! < أو نسائهن > ! 31 لأن مطلق هذا اللفظ يتناول الحرائر دون الإماء والمعنى فيه أنه ليس بينهما زوجية ولا محرمية وحل النظر إلى مواضع الزينة الباطنة ينبني على هذا السبب وحرمة المناكحة التي بينهما بعارض على شرف الزوال فكانت في حقه بمنزلة منكوحة الغير أو معتدته ولأن وجوب الستر عليها وحرمة الخلوة بالرجل لمعنى خوف الفتنة وذلك موجود ها هنا وإنما ينعدم بالمحرمية لأن الحرمة المؤبدة تقلل الشهوة فأما الملك لا يقلل الشهوة بل يحملها