رحمهم الله تعالى ليس له أن يعالجها في الإركاب والإنزال لأن معنى العورة وإن انعدم بالستر فمعنى الشهوة باق فيها فإنها ممن يحل له والأصح أنه لا بأس بذلك إذا أمن الشهوة على نفسه وعليها لأن المولى قد يبعثها في حاجته من بلد إلى بلد ولا تجد محرما ليسافر معها وهي تحتاج إلى من يركبها وينزلها فلا بأس بذلك وكذلك لا بأس بأن يخلو بها كالمحارم ألا ترى أن جارية المرأة قد تغمز رجل زوجها وتخلو به ولا يمتنع أحد من ذلك والمدبرة وأم الولد والمكاتبة في هذا كالأمة القنة لقيام الرق فيهن والمستسعاة في بعض القيمة كذلك عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لأنها بمنزلة المكاتب وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى إذا بلغت الأمة لم ينبغ أن تعرض في إزار واحد قال محمد وكذلك إذا بلغت أن تجامع وتشتهي لأن الظهر والبطن منها عورة لمعنى الاشتهاء فإذا صارت مشتهاة كانت كالبالغة لا تعرض في إزار واحد فأما النظر إلى الأجنبيات فنقول يباح النظر إلى موضع الزينة الظاهرة منهن دون الباطنة لقوله تعالى ! < ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها > ! 31 وقال علي وبن عباس رضي الله عنهم ما ظهر منها الكحل والخاتم وقالت عائشة رضي الله عنها إحدى عينيها وقال بن مسعود رضي الله عنه خفها وملاءتها واستدل في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم النساء حبائل الشيطان بهن يصيد الرجال وقال صلى الله عليه وسلم ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء وجرى في مجلسه صلى الله عليه وسلم يوم ما خير ماللرجال من النساء وما خير ما للنساء من الرجال فلما رجع علي رضي الله عنه إلى بيته أخبر فاطمة رضي الله عنها بذلك فقالت خير ما للرجال من النساء أن لا يراهن وخير ما للنساء من الرجال أن لا يرينهن فلما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك قال هي بضعة مني فدل أنه لا يباح النظر إلى شيء من بدنها ولأن حرمة النظر لخوف الفتنة وعامة محاسنها في وجهها فخوف الفتنة في النظر إلى وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء وبنحو هذا تستدل عائشة رضي الله تعالى عنها ولكنها تقول هي لا تجد بدا من أن تمشى في الطريق فلا بد من أن تفتح عينها لتبصر الطريق فيجوز لها أن تكشف إحدى عينيها لهذه الضرورة والثابت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة ولكنا نأخذ بقول علي وبن عباس رضي الله تعالى عنهما فقد جاءت الأخبار في الرخصة بالنظر إلى وجهها وكفها من ذلك ما روي أن امرأة عرضت نفسها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى وجهها فلم ير فيها رغبة ولما قال عمر رضي الله عنه في خطبته ألا لا تغالوا في أصدقة النساء فقالت امرأة سفعاء الخدين أنت تقوله برأيك أم سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنا نجد في كتاب الله تعالى بخلاف ما تقول قال الله تعالى ! < وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا > !