وذوات المحارم بالنسب كالأمهات والجدات والأخوات وبنات الأخ وبنات الأخت وكل امرأة هي محرمة عليه بالقرابة على التأبيد فهذا الحكم ثابت في حقها وكذلك المحرمة بالرضاع لقوله صلى الله عليه وسلم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ولحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله إن أفلح بن أبي قعيس يدخل علي وأنا في ثياب فضل فقال ليلج عليك أفلح فإنه عمك من الرضاعة وإن عبد الله بن الزبير كان يدخل على زينب بنت أم سلمة وهي تمتشط فيأخذ بقرون رأسها ويقول أقبلي علي وكانت أخته من الرضاعة ولأن الرضاع لما جعل كالنسب في حكم الحرمة فكذلك في حل المس والنظر وكذلك المحرمة بالمصاهرة لأن الله تعالى سوى بينهما بقوله ! < فجعله نسبا وصهرا > ! 54 إلا أن مشايخنا رحمهم الله تعالى يختلفون فيما إذا كان ثبوت حرمة المصاهرة بالزنى فقال بعضهم لا يثبت به حل المس والنظر لأن ثبوت الحرمة بطريق العقوبة على الزاني لا بطريق النعمة ولأنه قد جرب مرة فظهرت خيانته فلا يؤمن ثانيا والأصح أنه لا بأس بذلك لأنها محرمة عليه على التأبيد فلا بأس بالنظر إلى محاسنها كما لو كان ثبوت حرمة المصاهرة بالنكاح ولا يجوز أن يقال ثبوت الحرمة بطريق العقوبة هناك لأنا إنما نثبت الحرمة هناك بالقياس على النكاح فإذا جعلناها بطريق العقوبة لم تكن تلك الحرمة وإثبات الحرمة ابتداء بالرأى لا يجوز ثم يحل له أن يخلو بهؤلاء وأن يسافر بهن لقوله صلى الله عليه وسلم ألا لا يخلون رجل بامرأة ليس منها بسبيل فإن ثالثهما الشيطان معناه ليست بمحرم له فدل أنه يباح له أن يخلو بذوات محارمه ولكن بشرط أن يأمن على نفسه وعليها لما روي عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أنه خرج من بيته مذعورا فسئل عن ذلك فقال خلوت بابنتي فخشيت على نفسي فخرجت وكذلك المسافرة لقوله صلى الله عليه وسلم لا تسافر المرأة فوق ثلاثة أيام ولياليها إلا ومعها زوجها أو ذو رحم محرم منها فدل أنه لا بأس بأن تسافر مع المحرم وإن احتاج إلى أن يعالجها في الإركاب والإنزال فلا بأس بأن يمسها وراء ثيابها ويأخذ بظهرها وبطنها لما روي أن محمد بن أبي بكر رضي الله عنهما أدخل يده في هودج عائشة رضي الله عنها ليأخذها من الهودج فوقعت يده على صدرها فقالت من الذي وضع يده على موضع لم يضعه أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنا أخوك وروى أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أمي كانت سيئة الخلق فغضب وقال أكانت سيئة الخلق حين