هو الزهد والورع ثم بدأ الكتاب بمسائل النظر وهو ينقسم أربعة أقسام نظر الرجل إلى الرجل ونظر المرأة إلى المرأة والمرأة إلى الرجل والرجل إلى المرأة أما بيان القسم الأول فإنه يجوز للرجل أن ينظر إلى الرجل إلا إلى عورته وعورته ما بين سرته حتى يجاوز ركبتيه لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبته وفي رواية ما دون سرته حتى يجاوز ركبته وبهذا تبين أن السرة ليست من العورة بخلاف ما يقوله أبو عصمة سعد بن معاذ أنه أحد حدي العورة فيكون من العورة كالركبة بل هو أولى لأنه في معنى الاشتهاء فوق الركبة .
( وحجتنا ) في ذلك ما روي عن بن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا اتزر أبدى عن سرته وقال أبو هريرة للحسن رضي الله عنهما أرنى الموضع الذي كان يقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منك فأبدي عن سرته فقبلها أبو هريرة رضي الله عنه والتعامل الظاهر فيما بين الناس أنهم إذا اتزروا في الحمامات أبدوا عن السرة من غير نكير منكر دليل على أنه ليس بعورة فأما ما دون السرة عورة في ظاهر الرواية للحديث الذي روينا وكان أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يقول إلى موضع نبات الشعر ليس من العورة أيضا لتعامل العمال في الإبداء عن ذلك الموضع عند الاتزار وفي النزع عن العادة الظاهرة نوع حرج وهذا بعيد لأن التعامل بخلاف النص لا يعتبر وإنما يعتبر فيما لا نص فيه فأما الفخذ عورة عندنا وأصحاب الظواهر يقولون العورة من الرجل موضع السرة وأما الفخذ ليس بعورة لقوله تعالى بدت لهما سوآتهما والمراد منه العورة وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في حائط رجل من الأنصار وقد دلى ركبته في ركية وهو مكشوف الفخذ إذ دخل أبو بكر رضي الله عنه فلم يتزحزح ثم دخل عمر رضي الله عنه فلم يتزحزح ثم دخل عثمان رضي الله عنه فتزحزح وغطى فخذه فقيل له في ذلك فقال ألا أستحي ممن تستحي منه الملائكة فلو كان الفخذ من العورة لما كشفه بين يدي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما .
( وحجتنا ) في ذلك ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل يقال له جرهد وهو يصلى مكشوف الفخذ فقال له عليه الصلاة والسلام وار فخذك أما علمت أن الفخذ عورة وحديث عمرو بن شعيب رضي الله عنه نص فيه فأما الحديث الذي رواه فقد ذكر في بعض الروايات أنه كان مكشوف الركبة ثم تأويله أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما حين دخلا جلسا في موضع لم يقع بصرهما