الذي يفادى به كان أولى .
( وحجتنا ) في ذلك قوله تعالى ! < فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم > ! 5 فبهذا تبين أن قتل المشرك عند التمكن منه فرض محكم وفي المفاداة ترك إقامة هذا الفرض وسورة براءة من آخر ما نزل فكانت هذه الآية قاضية على قوله تعالى ! < فإما منا بعد وإما فداء > ! 4 على ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من مفاداة الأسارى يوم بدر كيف وقد قال تعالى ! < لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم > ! 68 وقال صلى الله عليه وسلم لو نزل العذاب ما نجا منه إلا عمر فإنه كان أشار بقتلهم واستقصى في ذلك وقال تعالى ! < وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم > ! 85 فما أخبر الله تعالى عن الأمم السالفة على وجه الإنكار عليهم ففائدتنا أن لا نفعل مثل ما فعلوا وحديث أبي بكر رضي الله عنه في الأسير حيث قال لا تفادوه وإن أعطيتم به مدين من ذهب ولأنه صار من أهل دارنا فلا يجوز إعادته إلى دار الحرب ليكون حربا علينا بمال يؤخذ منه كأهل الذمة وبه فارق الاسترقاق لأن في ذلك تقرير كونه من أهل دارنا لا لمقصود المال كأخذ الجزية من أهل الذمة ولأن تخلية سبيل المشرك ليعود حربا للمسلمين معصية وارتكاب المعصية لمنفعة المال لا يجوز وقتل المشرك فرض ولو أعطونا مالا لترك الصلاة لا يجوز لنا أن نفعل ذلك مع الحاجة إلى المال فكذلك لا يجوز ترك قتل المشرك بالمفاداة يوضحه أن في هذا تقوية المشركين بمعنى يختص بالقتال وذلك لا يجوز لمنفعة المال كما لا يجوز بيع الكراع والسلاح منهم بل أولى لأن قوة القتال بالمقاتل أظهر منه بآلة القتال وعن محمد رحمه الله تعالى قال لا يجوز المفاداة للشيخ الكبير الذي لا يرجي له نسل ولا رأي له في الحرب بالمال لأن مثله لا يقتل وليس في المفاداة ترك القتل المستحق ولا تقوية المشركين بإعادة المقاتل إليهم فهو كبيع الطعام وغيره من الأموال منهم فأما مفاداة الأسير بالأسير لا يجوز في أظهر الروايتين عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وفي رواية عنه أنه جوز ذلك وهو قولهما لأن في هذا تخليص المسلم من عذاب المشركين والفتنة في الدين وذلك جائز كما تجوز المفاداة في أسارى المسلمين بمال من كراع أو سلاح أو غير ذلك وجه قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن قتل المشركين فرض محكم فلا يجوز تركه بالمفاداة وهذا لأنه إذا ابتلى الأسير المسلم بعذاب أو فتنة من جهتهم فذلك لا يكون مضافا إلى فعل المسلم وإذا خلينا سبيل المشرك ليعود حربا لنا فذلك بفعل مضاف إلينا فمراعاة هذا الجانب أولى وهذا لأنا أمرنا ببذل النفوس والأموال لنتوصل إلى