المرتدون دارهم وصارت دار كفر ثم لحقوا بدار الحرب فأصابوا سبايا منهم وأصابوا مالا من أموال المسلمين وأهل الذمة ثم أسلموا كان ذلك كله لهم لأنهم ملكوا ذلك كله بالإحراز بدارهم ومن أسلم على مال فهو له إلا أن يكونوا أخذوا من المسلمين أو أهل الذمة حرا أو مدبرا أو مكاتبا أو أم ولد فعليهم تخلية سبيلهم لأن هؤلاء لا يملكون بالإحراز لتأكد حقيقة الحرية أو حقها فيهم بالإسلام فإن كان أهل الإسلام أصابوا من هؤلاء في حربهم مالا أو ذرية فاقتسموها على الغنيمة لم يردوا عليهم شيئا من ذلك لأنهم أصابوا أموال أهل الحرب وذراريهم وملكوها بالإحراز والقسمة فلا ترد عليهم وإن أسلموا بعد ذلك كما لو أصابوا ذلك من غيرهم من أهل الحرب وإن طلب المرتدون أن يجعلوا ذمة للمسلمين لم يفعلوا ذلك بهم لأنه إنما تقبل الذمة ممن يجوز استرقاقه ولأن المرتدين كمشركي العرب فإن أولئك جناة على قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهؤلاء على دينه وكما لا تقبل الذمة من مشركي العرب عملا بقوله صلى الله عليه وسلم لا يجتمع في جزيرة العرب دينان فكذلك لا يقبل ذلك من المرتدين وإن طلبوا الموادعة مدة لينظروا في أمورهم فلا بأس بذلك إن كان ذلك خيرا للمسلمين ولم يكن للمسلمين بهم طاقة لأنهم لما ارتدوا دخلت عليهم الشبهة ويزول ذلك إذا نظروا في أمرهم وقد بينا أن المرتد إذا طلب التأجيل يؤجل إلا أن هناك لا يزاد على ثلاثة أيام لتمكن المسلمين من قتله وها هنا لا طاقة بهم للمسلمين فلا بأس بأن يمهلوهم مقدار ما طلبوا من المدة لحفظ قوة أنفسهم ولعجزهم عن مقاومتهم وإن كانوا يطيقونهم وكان الحرب خيرا لهم من الموادعة حاربوهم لأن القتال معهم فرض إلى أن يسلموا قال الله تعالى ! < تقاتلونهم أو يسلمون > ! 16 ولا يجوز تأخير إقامة الفرض مع التمكن من إقامته فإذا وادعوهم لم يأخذ الإمام منهم في الموادعة خراجا لأن ذلك حينئذ يشبه عقد الذمة وقد بينا أنه لا تقبل منهم الذمة فكذلك لا يؤخذ منهم على الموادعة خراج بخلاف أهل الحرب فإن أخذ منهم مالا جاز لأن العصمة زالت عن مالهم ألا ترى أنه لو ظهر المسلمون عليهم كانت أموالهم غنيمة وكذلك إن أخذوا شيئا من مالهم ملكوا ذلك بأي طريق أخذوا منهم .
( قال ) ( ولا يقبل من مشركي العرب الصلح والذمة ولكن يدعون إلى الإسلام فإن أسلموا وإلا قوتلوا وتسترق نساؤهم وذراريهم ولا يجبرون على الإسلام ) وهم في ذلك بمنزلة المرتدين إلا في حكم الإجبار على الإسلام فإن نساء المرتدين وذراريهم كانوا مسلمين في الأصل فيجبرون على العود وأما النساء والذراري