منه لأن الوراثة خلافة والخلف يسقط إعتباره إذا ظهر الأصل ولما جاء تائبا فقد صار حيا حكما وإنما كانت خلافة الوارث إياه في هذا الملك كموته حكما فإذا انعدم ذلك ظهر حكم الأصل ولهذا قلنا لو كان الوارث كاتب عبدا يعاد إليه ذلك العبد مكاتبا لأن الحكم لا يكون منتقلا من الخلف إلى الأصل وتأثير الكتابة في منع النقل ولكن ينعدم الخلف بظهور الأصل فيكون الملك لصاحب الأصل بطريق البقاء ولا يعاد إليه شيء مما باعه وارثه لأن الأصل والخلف في الحكم فلا بد من قيامه عند ظهور الأصل ليكون عاملا وما تصرف الوارث من بيع أو غيره فهو نافذ منه لمصادفته ملكه ولا ضمان عليه في شيء مما أتلفه لأن الملك كان خالصا له وفعله فيما خلص حقا له لا يكون سبب الضمان فلو لم يفعل الإمام شيئا من ذلك حتى رجع تائبا فجميع ذلك له كما كان قبل ردته لأن اللحاق قبل أن يتصل به القضاء بمنزلة الغيبة فهو والمتردد في دار الإسلام في الحكم سواء .
( قال ) ( وجميع ما فعل المرتد في حال ردته من بيع أو شراء أو عتق أو تدبير أو كتابة باطل إن لحق بدار الحرب وقسم الإمام ماله ) والحاصل أن تصرفات المرتد أربعة أنواع نوع منها نافذ بالاتفاق وهو الاستيلاد حتى إذا جاءت جاريته بولد فادعى نسبه ثبت النسب منه وورث هذا الولد مع ورثته وكانت الجارية أم ولد له لأن حقه في ملكه أقوى من حق الأب في جارية ولده واستيلاد الأب صحيح فاستيلاد المرتد أولى لأنها موقوفة على حكم ملكه حتى إذا أسلم كانت مملوكة له وحقه فيها أقوى من حق المولى في كسب المكاتب وهناك يصح منه دعوة النسب فها هنا أولى إلا أن هناك يحتاج إلى تصديق المكاتب لاختصاصه بملك اليد والتصرف وها هنا لا يحتاج إلى تصديق الورثة لأنه لم يثبت لهم ملك اليد والتصرف في الحال ومنها ما هو بالاتفاق باطل في الحال كالنكاح والذبيحة لأن الحل بهما يعتمد الملة ولا ملة للمرتد فقد ترك ما كان عليه وهو غير مقر على ما اعتمده ومنها ما هو موقوف بالاتفاق وهو المفاوضة فإنه إذا شارك غيره شركة مفاوضة توقف صفة المفاوضة بالاتفاق وإن اختلفوا في توقف أصل الشركة ومنها ما هو مختلف فيه وهو سائر تصرفاته عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يتوقف بين أن ينفذ بالإسلام أو يبطل إذا مات أو قتل على الردة أو لحق بدار الحرب وعندهما نافذ إلا أن أبا يوسف رحمه الله تعالى يقول ينفذ كما ينفذ من الصحيح حتى يعتبر تبرعاته من جميع المال وعند محمد رحمه الله تعالى ينفذ كما ينفذ من المريض