بخلاف العشر فالواجب هناك جزء من الخراج والإيجاب بدون المحل لا يتحقق وها هنا الواجب مال في ذمته باعتبار تمكنه من الانتفاع بالأرض فلم ينعدم ذلك بتعطيله الأرض .
وإن زرعها فأصاب الزرع آفة فذهب لم يؤخذ الخراج لأنه مصاب فيستحق المعونة ولو أخذناه بالخراج كان فيه استئصاله ومما حمد من سير الأكاسرة أنهم كانوا إذا اصطلم الأرض آفة يردون على الدهاقين من خزائنهم ما أنفقوا في الأرض ويقولون التاجر شريك في الخسران كما هو شريك في الربح فإن لم يرد عليه شيئا فلا أقل من أن لا يؤخذ منه الخراج وهذا بخلاف الأجر فإنه يجب بقدر ما كان الأرض مشغولا بالزرع لأن الأجر عوض المنفعة فبقدر ما استوفى من المنفعة يصير الأجر دينا في ذمته فأما الخراج صلة واجبة باعتبار الأراضي فلا يمكن إيجابها بعد ما اصطلم الزرع آفة لأنه ظهر أنه لم يتمكن من استغلال الأرض بخلاف ما إذا عطلها .
وإذا أسلم الذمي على أرضه كان عليه خراجها كما كان عندنا .
وقال مالك رحمه الله تعالى يسقط ذلك وكذلك إذا باعها من مسلم واعتبر خراج الأرض بخراج الرأس فكما لا يجب على المسلم بعد إسلامه خراج الرأس فكذلك خراج الأرض .
ولكنا نقول الخراج مؤنة الأرض النامية كالعشر والمسلم من أهل التزام المؤنة وهذا لأنه بعد الإسلام لا يخلى أرضه عن مؤنة فإبقاء ما تقرر واجبا أولى لأنا إن أسقطنا ذلك احتجنا إلى إيجاب العشر بخلاف خراج الرأس فإنا لو أسقطنا ذلك عنه بعد إسلامه لا نحتاج إلى إيجاب مؤنة أخرى عليه ولا يكره للمسلم أداء خراج الأرض لما روى عن بن مسعود والحسن بن علي وشريح رضي الله عنهم أنه كانت لهم أرضون بالسواد يؤدون خراجها فبهذا تبين أن خراج الأرض لا يعد من الصغار وإنما الصغار خراج الأعناق بخلاف ما يقوله المتقشفة ويستدلون بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيئا من آلات الحراثة فقال ما دخل هذا بيت قوم إلا ذلوا ظنوا أن المراد الذل بالتزام الخراج وليس كذلك بل المراد أن المسلمين إذا اشتغلوا بالزراعة واتبعوا أذناب البقر وقعدوا عن الجهاد كر عليهم عدوهم فجعلوهم أذلة .
تغلبي اشترى أرضا من أرض الخراج فعليه الخراج كما كان لأنه إنما يضعف عليه ما يبتدأ المسلم بالإيجاب عليه هكذا جرى الصلح بيننا وبينهم ولا يبتدأ المسلم بتوظيف الخراج على أرضه .
ألا ترى أن أهل بلدة لو أسلموا طوعا يجعل على أراضيهم العشر دون الخراج فلهذا لا يضعف الخراج على التغلبي وإن اشترى أرضا من أرض العشر ضوعف عليه العشر لأن