فيما هو حق العباد قال الله تعالى ! < وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة > ! 280 ففي الجزية أولى وهذا لأن الجزية صلة مالية وليست بدين واجب .
ألا ترى أنها سميت خراجا في الشرع والخراج اسم لما هو صلة قال الله تعالى ! < فهل نجعل لك خرجا > ! 94 ! < أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير > ! 72 والصلة المالية لا تكون إلا ممن يجد للمال فأما من لا يجد يعان بالمال فكيف يؤخذ منه ولا خراج على رؤس المماليك لأنه خلف عن النصرة والمملوك لا يملك نصرة القتال في نفسه إن لو كان مسلما فلا يلزمه ما هو خلف عن النصرة ثم هو أعسر من الحر الذي لا يجد شيئا لأنه ليس من أهل الملك أصلا ثم المملوك في السكنى تبع لمولاه ولا خراج في الأتباع كالنساء والصبيان ولا صدقة في أموال أهل الذمة من السوائم ومال التجارة في أوطانهم لأن الإمام في الباب عمر رضي الله عنه وهو لم يتعرض لأموالهم في ذلك بشيء لا أن يمروا على العاشر فقد بينا ذلك في الزكاة وكان المعنى فيه أن الأخذ من أموال المسلمين بطريق العبادة المحضة دون المؤنة فإن الشرع جعل الزكاة أحد أركان الدين والكافر ليس بأهل لذلك بخلاف الخراج والعشر فالأخذ من المسلم بطريق مؤنة الأرض ولهذا جاز أخذه من الكافر ولكن يؤخذ من الكافر ما هو أبعد عن معنى العبادة وأقرب إلى معنى الصغار وهو الخراج ومن أسلم من أهل الذمة قبل استكمال السنة أو بعدها قبل أن يؤخذ منه خراج رأسه سقط عنه ذلك عندنا وقال الشافعي إن أسلم بعد كمال السنة لم يسقط عنه .
وإن أسلم قبل كمال السنة فله فيه وجهان وحجته في ذلك أنه دين استقر وجوبه في ذمته فلا يسقط عنه بإسلامه كسائر الديون وبيان الوصف وهو أنه مطالب بأدائه مجبر على ذلك محبوس فيه كسائر الديون أو أقوى حتى إذا بعث بالجزية على يد نائبه لا تقبل بخلاف سائر الديون وبأن كان لا تجب ابتداء على المسلم فهذا لا يمنع بقاءه عليه بعد الإسلام كخراج الأراضي فالمسلم لا يبتدأ بتوظيف الخراج على الأرض ثم يبقى وكذلك الرق لا يبتدأ به المسلم ثم يبقى رقيقا بعد الإسلام وكذلك الفقير لا تجب عليه الزكاة ابتداء ثم تبقى إذا استهلك النصاب بعد الوجوب عليه وهذا لأنه مؤنة السكنى فالإسلام لا ينافي استيفاءه كالأجرة وإنما لا يجب عليه بعد الإسلام ابتداء لأنه صار من أهل دار الإسلام أصلا وهذا بدل حقن الدم بمنزلة المال الواجب بالصلح عن القصاص فالإسلام لا يمنع استيفاءه إذا حصل له الحقن به فيما مضى ولكن لا يجب بعد الإسلام ابتداء لأنه حقن دمه بالإسلام .
( وحجتنا ) في ذلك حديث بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله