والصدقة فأما الأمان يتردد بين المضرة والمنفعة ولهذا لا يفترض إجابة الكفار إليه وفيه إبطال حق المسلمين في الاستغنام والاسترقاق والتصرف الذي فيه توهم الضرر في حق المولى خاصة كالبيع والشراء لا يملكه العبد بنفسه لما فيه من إلحاق الضرر بالمولى فالتصرف الذي فيه إلحاق الضرر بالمسلمين أولى فأما الصبي إذا كان لا يعقل فلا إشكال أن أمانه باطل .
وإن كان يعقل فعند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله أمانه باطل أيضا وهو قول الشافعي رحمه الله كما أنه لا يصح إيمانه ومحمد يقول بصحة أمانه كما يقول بصحة إيمانه .
فإن كان هذا الصبي مأذونا في القتال فقد قال بعض مشايخنا لا يصح أمانه أيضا لأن قوله غير معتبر فيما يضربه وإن كان مأذونا كالطلاق والعتاق ففيما يضر بالمسلمين أولى والأصح أنه يجوز أمانه إذا كان مأذونا له في القتال لأن هذا التصرف يتردد بين المضرة والمنفعة فهو نظير البيع والشراء يملكه الصبي بعد الإذن .
وإذا قال الإمام من أصاب شيئا فهو له فأصاب رجل جارية فاستبرأها فإنه لا يطأها ولا يبيعها حتى يخرجها إلى دار الإسلام في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وقال محمد رحمه الله تعالى يحل له ذلك لأنه اختص بملكها فيحل له وطئها بعد الاستبراء كالمسلم يشتري جارية في دار الحرب يحل له وطئها بعد الاستبراء وهذا لأن ملك المنفعة سببه ملك الرقبة وقد تحقق هذا السبب في حقه حين اختص بملكها بتنفيل الإمام وهذا بخلاف اللص في دار الحرب إذا أخذ جارية واستبرأها فإنه لا يحل له وطئها لأنه ما اختص بملكها .
ألا ترى أنه لو التحق بجيش المسلمين في دار الحرب شاركوه فيها .
وأبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى قالا سبب الملك في المنفل القهر فلا يتم إلا بالإحراز بدار الإسلام كما في الغنيمة في حق الجيش وهذا لما بينا أنه قبل الإحراز قاهر يدا مقهور دارا فيكون السبب ثابتا من وجه دون وجه ولا أثر للتنفيل في إتمام القهر إنما تأثير التنفيل في قطع شركة الجيش مع المنفل له فأما سبب الملك للمنفل له ما هو السبب لولا التنفيل وهو القهر فأشبه من هذا الوجه ما أخذه اللص في دار الحرب وهذا لأن لحوق الجيش به موهوم والموهوم لا يعارض الحقيقة فعرفنا أن امتناع ثبوت الحل لعدم تمام القهر بخلاف المشتراة فسبب الملك فيها تم بالعقد والقبض وعلى هذا الخلاف لو قسم الإمام الغنائم في دار الحرب فأصاب رجل جارية فاستبرأها لأن بقسمة الإمام لا ينعدم المانع من تمام القهر وهو كونهم مقهورين دارا ومن أصحابنا من يقول لما نفذت