بشيء من مال المقتول لأن إسلامهم يقرر ملكهم ولا ضمان عليهم في دمه لأنهم قتلوه حين كانوا حربا للمسلمين فلم يكن عليهم ضمان دمه يومئذ ثم لا يجب بعد ذلك بإسلامهم .
ولو كان مسلم دخل دار الحرب بأمان واشترى صبيا وصبية فأعتقهما ثم خرج وتركهما هناك فكبرا هناك كافرين ثم ظهر المسلمون على الدار فهما فيء لأن إعتاقه إياهما في دار الحرب ليس بشيء في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى فلا يصير محرزا لهما وعند أبي يوسف رضي الله تعالى عنه إن كان ذلك إعتاقا صحيحا فهم كسائر أحرار أهل الحرب من الكفار فيكونون فيئا ومقصوده أن الولاء ليس نظير الولاد فإن الولد يصير مسلما بإسلام أبيه والمعتق لا يصير مسلما بإسلام معتقه إن كان صغيرا لأن الولاء أثر الملك وهو باعتبار أصل الملك لا يتبع مولاه في الدين فباعتبار أثر الملك أولى .
وإذا كان المسلم في دار الحرب تاجرا أو أسيرا أو أسلم هناك فأمنهم فأمانه باطل لأنه مقهور في أيديهم والظاهر أنه مكره على الأمان من جهتهم ولأنه لا يقصد بالأمان منفعة للمسلمين وإنما قصده أن يؤمن نفسه ولأن الأمان يكون عن خوف ولا خوف لهم من جهته فيكون عقده على الغير ابتداء لا على نفسه وليس له ولاية العقد على الغير ابتداء فإن من أمن رجلا من أهل الجيش جاز أمانه لقوله صلى الله عليه وسلم يسعى بذمتهم أدناهم أي أقلهم وهو الواحد وقال يعقد عليهم أولاهم ويرد عليهم أقصاهم قيل معناه أن السرية الأولى تعقد الأمان فينفذ على المسلمين ثم السرية الأخرى تنبذ إليهم فينفذ ذلك أيضا ولأن من في الجيش إنما يؤمنهم من نفسه لأنهم يخافونه فينفذ عقده على نفسه ثم يتعدى إلى غيره وهذا لأن الأمان لا يحتمل الوصف بالتجزي وسببه وهو الإيمان لا يتجزى أيضا فينفرد به كل مسلم لتكامل السبب في حقه كالتزويج بولاية القرابة وكذلك لو أمنت المرأة من أهل دار الإسلام أهل الحرب جاز أمانها لما روي أن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها أمنت زوجها أبا العاص بن الربيع فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانها وعن أم هانئ رضي الله عنها قالت أجرت حموين لي يوم فتح مكة فدخل علي رضي الله عنه يريد قتلهما وقال أتجيرين المشركين فقلت لا إلا أن تبدأ بي قبلهما وأخرجته من البيت وأغلقت الباب عليهما ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآني قال مرحبا بأم هانئ فاختة قلت ماذا لقيت من بن أمي علي أجرت حموين لي وأراد قتلهما فقال صلى الله عليه وسلم ليس له ذلك