بل هذا قولهم جميعا فإن أبا حنيفة إنما يقول يعتق بالبيع في عبد ليس لمسلم فيه حق وفي هذا العبد للمولى القديم حق الإعادة إلى ملكه مجانا أو بفداء فلا يعتق بالبيع ما لم يعتقه مالكه وإذا أسلم أهل الحرب على مال أخذوه من أموال المسلمين وصاروا ذمة فهو لهم ولا سبيل للمسلمين عليه لأن القياس أن لا يكون للمالك القديم حق الأخذ بعد زوال ملكه بتمام الإحراز .
وبه كان يقول الزهري والحسن البصري رحمهما الله وإنما تركنا القياس بالسنة في الذي وقع في الغنيمة أو اشتراه منهم مسلم والسنة ها هنا جاءت بتقرر الملك للذي أسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم على مال فهو له والمعنى الذي لأجله ثبت للمالك القديم حق الأخذ هناك وجوب نصرته والقيام بدفع الظلم عنه على المسلم الذي وقع في سهمه كما بينا وهذا غير موجود ها هنا فإنه ما كان على هذا الحربي القيام بنصرته حين أحرزوه لأن ذلك ثابت شرعا وهم لا يخاطبون بذلك ولأن القيام بالنصرة على من هو أهل دار الإسلام وهو ما كان يومئذ من أهل دار الإسلام فلم يثبت حقه في ملكه .
وإذا أسلم أو صار ذمة فقد تقرر ملكه وكذلك لو كان ذلك الحربي باعه من حربي آخر ثم أسلم المشتري أو صار ذمة فالمشتري بمنزلة البائع في المعنى الذي قررنا وكذلك لو خرج إلينا بأمان ومعه ذلك المال فإنه لا يتعرض له فيه وهذا أظهر لأنه حربي .
وإن كان مستأمنا في دارنا ولم يكن حق المولى ثابتا في ملكه فلو مكناه من الأخذ منه كان غدرا بالأمان وذلك حرام إلا أنه يجبر المستأمن على بيعه من المسلمين لأنه عبد مسلم فلا يمكن الحربي من استذلاله باستدامة الملك وإعادته إلى دار الحرب وإذا سبي الصبي من أهل دار الحرب وأخرج إلى دار الإسلام فمات فإن كان معه أبواه كافرين أو أحدهما فإنه لا يصلي عليه .
والأصل فيه أن الولد تابع للأبوين في الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مولود يولد على الفطرة وأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه حتى يعرب عنه لسانه إما شاكرا وإما كفورا ولا تظهر تبعية الدار عند تبعية الأبوين .
ألا ترى أن أولاد أهل الذمة في دار الإسلام يكونون على دين آبائهم وهذا لأن الولد من الأبوين ولكنه في الدار لا من الدار فكان اتباعه للأبوين أصلا والدار في حكم الخلف فلا يظهر الخلف مع قيام الأصل وكذلك أحد الأبوين في هذا الحكم بمنزلتهما .
ألا ترى أن الذمية إذا ولدت من زنا فإن الولد يتبعها في الدين ولا أب هنا فعرفنا أن أحد الأبوين يكفي في الاتباع فإن كان معه أبواه أو أحدهما فهو على دينه فإذا مات لا يصلي عليه .
وإن كانت جارية لم يحل