أكثر من شر فرعون على بني إسرائيل ونفلني سيفه ففي هذا بيان أنه أجهز عليه وأن الاستحقاق ليس بنفس القتل إذ لو كان الاستحقاق بنفس القتل لكان المستحق للسيف من اثخنه فما كان ينفله غيره .
وأن البراء بن مالك رضي الله عنه قتل مرزبان الرازة وأخذ سلبه مرصعا باللؤلؤ والجوهر فقوم بعشرين ألفا فقال عمر رضي الله عنه كنا لا نخمس الأسلاب وإن سلب البراء بلغ هذا المبلغ وما أراني إلا خامسه قال أنس فبعثنا بالخمس أربعة آلاف إليه فإذا تبين وجوب الخمس فيه ثبت أن الباقي منه مقسوم بين الغانمين .
وما نقل من قوله من قتل قتيلا فله سلبه كان على سبيل التنفيل منه لا على وجه نصب الشرع وإنما يكون ذلك نصب الشرع إذا قاله في المدينة في مسجده ولم ينقل أنه قال ذلك إلا يوم بدر عند القتال للحاجة إلى التحريض وقد كانوا أذلة يوم حنين حين ولوا منهزمين للحاجة إلى التحريض فعرفنا أنه قال ذلك على سبيل التنفيل لا على وجه نصب الشرع وعندنا بالتنفيل يستحق ولأن القاتل إنما تمكن من قتله وأخذ سلبه بقوة الجيش فلا يختص به كما لو أخذ أسيرا أو أصاب مالا آخر لا يختص به وكما يكون منه فضل عناء في القتل يكون ذلك منه بأخذ الأسير واستلاب سلب الحي ثم لا يختص به إلا بعد تنفيل الإمام وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر من قتل قتيلا فله سلبه قال من أخذ أسيرا فهو له ثم كان ذلك على وجه التنفيل فكذلك في السلب والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم ليس للمرء إلا ما طابت به نفس إمامه .
ويستحب للإمام أن ينفل قبل الإصابة بحسب ما يرى الصواب فيه للتحريض على القتال قال الله تعالى ! < يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال > ! 65 ولأن بالنفل يعينه على البر وهو بذل النفس لابتغاء مرضاة الله تعالى فكان ذلك مستحبا ولكن قبل الإصابة وأما بعد الإصابة لا يجوز النفل إلا على قول أهل الشام فإنهم يجوزون ذلك .
وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم نفل بعد الإصابة .
وتأويل ذلك عندنا أنه نفل من الخمس أو من الصفي الذي كان له أو فعل ذلك يوم بدر لأن الأمر في الغنائم كان إليه كما روينا وإليه أشار سعيد بن المسيب رضي الله عنه فقال لا نفل بعد الإحراز إلا ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان المعنى فيه أن بعد الإصابة في التنفيل إبطال حق أرباب الخمس وإبطال حق بعض الغانمين عما ثبت حقهم فيه وهو سبب لإيقاع الفتنة والعداوة بينهم والتنفيل للتحريض على القتال وتسكين الفتنة فإذا نفل بعد الإصابة عاد على موضوعه