$ كتاب السير $ ( قال ) الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس وفخر الإسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله تعالى اعلم أن السير جمع سيرة وبه سمى هذا الكتاب لأنه بين فيه سيرة المسلمين في المعاملة مع المشركين من أهل الحرب ومع أهل العهد منهم من المستأمنين وأهل الذمة ومع المرتدين الذين هم أخبث الكفار بالإنكار بعد الإقرار ومع أهل البغي الذين حالهم دون حال المشركين وإن كانوا جاهلين وفي التأويل مبطلين .
فأما بيان المعاملة مع المشركين فنقول الواجب دعاؤهم إلى الدين وقتال الممتنعين منهم من الإجابة لأن صفة هذه الأمة في الكتب المنزلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبها كانوا خير الأمم قال الله تعالى ! < كنتم خير أمة أخرجت للناس > ! آل عمران 110 الآية ورأس المعروف الإيمان بالله تعالى فعلى كل مؤمن أن يكون آمرا به داعيا إليه وأصل المنكر الشرك فهو أعظم ما يكون من الجهل والعناد لما فيه من إنكار الحق من غير تأويل فعلى كل مؤمن أن ينهى عنه بما يقدر عليه .
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مأمورا في الابتداء بالصفح والإعراض عن المشركين قال الله تعالى ! < فاصفح الصفح الجميل > ! الحجر 85 وقال تعالى ! < وأعرض عن المشركين > ! الحجر 94 ثم أمر بالدعاء إلى الدين بالوعظ والمجادلة بالأحسن فقال تعالى ! < ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن > ! النحل 125 ثم أمر بالقتال إذا كانت البداية منهم فقال تعالى ! < أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا > ! البقرة 191 أي أذن لهم في الدفع وقال تعالى ! < فإن قاتلوكم فاقتلوهم > ! البقرة 191 وقال تعالى ! < وإن جنحوا للسلم فاجنح لها > ! الأنفال 61 ثم أمر بالبداية بالقتال فقال تعالى ! < وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة > ! البقرة 197 وقال تعالى ! < فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم > ! التوبة 5 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله فاستقر الأمر على فرضية الجهاد مع المشركين وهو فرض قائم إلى قيام الساعة قال النبي صلى الله عليه وسلم الجهاد ماض منذ بعثني الله تعالى إلى أن يقاتل آخر عصابة من أمتي الدجال وقال صلى الله عليه وسلم بعثت بالسيف بين يدي الساعة وجعل رزقي تحت ظل رمحي والذل والصغار على من خالفني ومن تشبه بقوم فهو منهم وتفسيره منقول عن سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى قال بعث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بأربعة سيوف سيف قاتل به بنفسه عبدة الأوثان وسيف قاتل به أبو بكر رضي الله تعالى عنه أهل الردة قال الله تعالى ! < تقاتلونهم أو يسلمون > !