مستأمنين أو في دار الإسلام في موضع قد غلب عليه عسكر أهل البغي ثم أتى بهم إلى الإمام لم يمض عليهم الحد ) لأنهم باشروا السبب حين لم يكونوا تحت يد الإمام وفي موضع لا يجري فيه حكمه وقد بينا أن ذلك مانع من وجوب الحد حقا لله تعالى لانعدام المستوفي فإن استيفاء ذلك إلى الإمام ولا يتمكن من الاستيفاء إذا كانوا في موضع لا تصل إليهم يده .
( قال ) ( وإذا رفع قوم من قطاع الطريق إلى القاضي فرأى تضمينهم المال وسلمهم إلى أولياء القود فصالحوهم على الديات ثم رفعوا بعد زمان إلى قاض آخر لم يقم عليهم الحد ) إما لتقادم العهد أو لانعدام الخصم وقد سقطت خصومتهم بما وصل إليهم أو لقضاء الأول فيهم بما قضى فإن ذلك نافذ لحصوله في موضع الاجتهاد .
ومن العلماء من يقول يتقرر الضمان عليهم ووجوب القود بالقتل وإن كان متحتما وقضاء القاضي في المجتهدات نافذ .
( قال ) ( وإذا قضى القاضي على قطاع الطريق بقطع الأيدي والأرجل والقتل وحبسوا لذلك فذهب رجل بغير إذن الإمام فقتل منهم رجلا لم يكن عليه شيء ) لأن الإمام أحل دمهم حين قضى عليهم بالقتل ومن قتل حلال الدم لا شيء عليه كمن قتل مرتدا أو مقضيا عليه بالرجم وكذلك لو قطع يده لأنه لما سقطت حرمة نفسه اقتضى ذلك سقوط حرمة أطرافه ضرورة ويتم بقية الحد لأن ما فعله ذلك الرجل من إقامة الحد وإن افتات فيه على رأي الإمام ففعله في ذلك كفعل الإمام لأنه رجل من المسلمين والإمام بمنزلة جماعة من المسلمين في استيفاء هذا الحد وإن أخطأ الإمام حين قدم إليه فقطع يده اليسرى فلا شيء عليه لأن دمه حلال فإنه يقتله بعد القطع فلا عصمة في طرفه ولأنه مجتهد فيما صنع وقد بينا نظيره في الحداد .
( قال ) ( وإذا أقر القاطع بقطع الطريق مرة واحدة أخذ بالحد ) إلا على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى كما في السرقة وإن أنكره بعد ذلك درئ عنه الحد لرجوعه عن الإقرار وأخذ بالمال والقود لأن رجوعه عن الإقرار فيما هو حق العبد باطل .
( قال ) ( وإذا قطع الطريق وأخذ المال ثم ترك ذلك وأقام في أهله زمانا لم يقم الإمام عليه الحد استحسانا ) وفي القياس يقام عليه لأن الحد لزمه بارتكاب سببه ولكن استحسن لتوبته وتحوله عن تلك الحالة قبل أن يقدر عليه .
والأصل فيه ما روى أن الحارث بن زيد قطع الطريق ثم ترك ذلك وتاب فكتب علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه إلى عامله بالبصرة أن الحارث بن زيد كان من قطاع الطريق وقد ترك وتحول عنه فلا تعرض له إلا بخير .
( قال ) ( وإذا قطعوا