والظاهر أن الغوث يلحقه بالنهار في المصر قبل أن يأتي عليه ذلك فأما في الليل الغوث يبطىء فإلى أن ينتبه الناس ويخرجوا قد أتى عليه فلهذا ثبت في حقه حكم قطع الطريق .
( قال ) ( وإن بيتوا على مسافرين في منازلهم في غير مصر ولا في مدينة فكابروهم وأخذوا المال فالحكم فيهم كالحكم في الذين قطعوا الطريق ) لأن السبب قد تحقق منهم وهو المحاربة وقطع الطريق إذ لا فرق في ذلك بين أن يفعلوا في مشيهم أو في حال نزولهم لأنهم في حفظ الله تعالى في الحالين فإنما يتمكن هؤلاء منهم لمنعتهم وشوكتهم في الحالين فإن نزل المسافرون منزلا في قرية ففعلوا ذلك بهم لم يلزمهم حد قطاع الطريق لأن الذين نزلوا القرية بمنزلة أهل القرية في أن بعضهم يغيث البعض فلا يتحقق قطع الطريق بما فعل بهم .
وكذلك إن أغار بعض النازلين في القرية على البعض فقتلوا وأخذوا المال فالحكم فيهم كالحكم في الذي فعل ذلك في جوف المصر قان .
نزل رجل في بيت أو في فسطاط فأغلق عليه بابه وضم إليه متاعه فجاء رجل وسرق من فسطاطه أو بيته شيئا فالحكم فيه ما هو الحكم في السارق في المصر .
( قال ) ( وما قتل به قطاع الطريق من حديد أو حجر أو عصى أو سوط فهذا كله سواء ) لأن هذا حكم ينبني على المحاربة فيكون بمنزلة استحقاق السهم بالغنيمة وثبوت صفة الشهادة فلا يفترق الحال في ذلك بين القتل بالسلاح وغيره فهذا مثله بخلاف القصاص فإنه يعتمد العمدية والمماثلة وذلك يختلف بالسلاح وغيره .
( قال ) ( وإذا أخذ قاطع الطريق ويده اليسرى شلاء أو مقطوعة لم يقطع منه شيء وقتل أو صلب ) لما بينا في السرقة الصغرى أنه لا يستوفي القطع على وجه يؤدي إلى تفويت منفعة الجنس .
وقد طعن عيسى في هذا الفصل وقال اعتبار ذلك المعنى في السرقة للتحرز عن الاستهلاك الحكمي أو شبهة الاستهلاك ولا معنى لذلك ها هنا فإن إتلافه حقيقة قد صار مستحقا لأنه يقتل ويصلب بعد القطع فكيف يمنع استيفاء القطع لشلل في يده اليسرى .
ولكنا نقول مع هذا القطع جزاء أخذ المال فلا يستوفي على وجه يكون متلفا له حكما .
ألا ترى أنه لم يشرع قطع عضوين منه من شق واحد للتحرز عن الإتلاف الحكمي وإنما يشرع قطع اليد والرجل من خلاف لكي لا يؤدي إلى الإتلاف حكما وهذا لأنه لا يستحق إتلافه مرتين فإذا كان تفويت منفعة الجنس إتلافا ثم قتله كان إتلافا مرتين .
وإن كانت اليمنى منه مقطوعة قطعت الرجل اليسرى وقتل أو صلب وإن كان أشل اليمنى قطعها مع الرجل اليسرى وقد بينا نظيره في السرقة