نفسه لأن الشرع ما جعل من عليه نائبا عنه في الاستيفاء من نفسه فإن إقامته بطريق الخزي والعقوبة فلا يفعل الإنسان ذلك بنفسه ومن هو دونه نائبه لا يمكنه أن يقيم فانعدم المستوفى وفائدة الوجوب الاستيفاء فإذا انعدم المستوفى قلنا أنه لا يجب والشافعي رحمه الله تعالى يقول يلزمه الحد ويجتمع الصلحاء من المسلمين على رجل ليقيم عليه ذلك الحد وأهل الزيغ يعللون في هذه المسألة ويقولون أنه بالزنى قد انعزل فكان زناه في وقت لا إمام فيه ولو زنى في مكان لا إمام فيه وهو دار الحرب لا يلزمه الحد فكذلك إذا زنى في زمان لا إمام فيه وهذا قول باطل عندنا لما قلنا أنه بالفسق لا ينعزل فأما القصاص والأموال محض حق العبد واستيفاؤه إلى صاحب الحق فيستوفيه منه إن تمكن من ذلك .
( قال ) ( وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى السكر الذي يجب به الحد على صاحبه أن لا يعرف الرجل من المرأة ) وإنما أراد به أن من شرب ما سوى الخمر من الأشربة فلا حد عليه ما لم يسكر وحد سكره عندهما أن يختلط كلامه فلا يتميز جده من هزله لأنه إذا بلغ هذا الحد يسمى في الناس سكرانا وإليه أشار الله عز وجل في قوله ! < يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون > ! 43 وأبو حنيفة رحمه الله تعالى قال ما لم يبلغ نهاية السكر لا يلزمه الحد لأن في الأسباب الموجبة للحد يعتبر أقصى النهاية احتيالا لدرء الحد وذلك في أن لا يعرف الأرض من السماء والفرو من القباء والذكر من الأنثى إلى هذا أشار في الأشربة والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .
$ باب الشهادة في القذف $ ( قال ) رضي الله تعالى عنه ( وإذا ادعى رجل على رجل أنه قذفه ولا بينة له لم يستحلف على ذلك ولا يمين في شيء من الحدود ) لأن المقصود من الاستحلاف القضاء بالنكول والنكول إنما يكون بدلا والبدل لا يعمل في الحدود أو يكون قائما مقام الإقرار والحد لا يقام بما هو قائم مقام غيره .
إلا أن على قول الشافعي رحمه الله يستحلف في حد القذف بخلاف سائر الحدود بناء على أصله أن حد القذف حق العبد فيستحلف فيه كالتعزير والقصاص ولأن في سائر الحدود رجوعه بعد الإقرار صحيح فلا يكون استحلافه مفيدا وفي حد القذف رجوعه عن الإقرار باطل فالاستحلاف فيه يكون مفيدا كالأموال .
ولكنا نقول هذا حد يدرأ