لواء فقال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل نكح منكوحة أبيه وأمرني أن أقتله والدليل عليه أن العقد لا يتصور انعقاده بدون المحل ومحل النكاح هو الحل لأنه مشروع لملك الحل فالمحرمية على التأبيد لا تكون محلا للحل وإذا لم ينعقد العقد لا تحل له لأنه لم يصادف محله فكان لغوا كما يلغو إضافة النكاح إلى الذكور والبيع إلى الميتة والدم والدليل عليه أن العقد المنعقد لو ارتفع بالطلاق قبل الدخول لم يبق شبهة مسقطة للحد فالذي لم ينعقد أصلا أولى .
وجه قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى قوله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فمع الحكم ببطلان النكاح أسقط الحد به فهو دليل على أن صورة العقد مسقطة للحد وإن كان باطلا شرعا .
واختلف عمر وعلي رضي الله عنهما في المعتدة إذا تزوجت بزوج آخر ودخل بها الزوج فقال علي رضي الله عنه المهر لها وقال عمر رضي الله عنه لبيت المال وهذا اتفاق منهما على سقوط الحد ولأن هذا الفعل ليس بزنا لغة لما بينا أن أهل اللغة لا يفصلون بين الزنى وغيره إلا بالعقد وهم لا يعرفون الحل والحرمة شرعا فعرفنا أن الوطء المترتب على عقد لا يكون زنا لغة فكذلك شرعا لأن هذا الفعل كان حلالا في شريعة من قبلنا والزنا ما كان حلالا قط وكذلك أهل الذمة يقرون على هذا ولا يقرون على الزنى بل يحدون عليه وكذلك لا ينسب أولادهم إلى أولاد الزنى فعرفنا أن هذا الفعل ليس بزنا وحد الزنى لا يجب بغير الزنى لأنه لو وجب إنما يجب بالقياس ولا مدخل للقياس في الحد ثم هذا العقد مضاف إلى محله في الجملة لأن المرأة بصفة الأنوثة محل للنكاح ولكن امتنع ثبوت حكمه في حقه لما بين الحل والحرمة من المنافاة فيصير ذلك شبهة في إسقاط الحد كما لو اشترى جارية بخمر فإن الخمر ليس بمال عندنا ولكن لما كانت مالا في حق أهل الذمة جعل ذلك معتبرا في حق انعقاد العقد به فهذه هي التي محل في حق غيره من المسلمين لأن يعتبر ذلك في إيراث الشبهة في حقه أولى والدليل عليه ملك اليمين فإن من وطىء أمته التي هي أخته من الرضاع لا يلزمه الحد والنكاح في كونه مشروعا للحل أقوى من ملك اليمين ثم ملك اليمين في محل لا يوجب الحل بحال يصير شبهة في إسقاط الحد فعقد النكاح أولى وشبهة العقد إنما تعتبر بعد العقد لا بعد الرفع والطلاق رافع للعقد وقد بينا أن اسم الفاحشة لا تختص بالزنى بل هو اسم لجميع ما هو حرام قال تعالى ! < ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن > ! 151 وتأويل حديث أبي بردة