تعالى إذا عاين سببه من العبد أو أقر به بين يديه وإذا ثبت بحجة البينة فله فيه قولان وفي حد القذف والقصاص له فيه وجهان وهذا إذا كان المولى ممن يملك إقامة الحد بولاية الإمامة إن كان إماما وإن كان مكاتبا أو ذميا أو امرأة فليس له ولاية إقامة الحد كما لا يثبت له ولاية إقامة الحد بتقليد القضاء والإمامة واحتج بحديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم وحديث بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا زنت أمة أحدكم فليحدها إلى أن قال بعد الثالثة فليبعها ولو بظفير والجلد متى ذكر عند حكم الزنى يراد به الحد دون التعزير وقد ذكر في بعض الروايات فليجلدها الحد .
والمعنى فيه أن هذه عقوبة مشروعة للزجر والتطهير فيملك المولى إقامته بولاية الملك كالتعزير وتأثيره أنه إصلاح للملك لأن ملكه يتعيب بارتكاب هذه الفواحش فما شرع للزجر عنها يكون إصلاحا لملكه بمنزلة التزويج وفي التطهير إصلاح ملكه أيضا ألا ترى أن ما كان مشروعا للتطهير كالختان وصدقة الفطر يملكه المولى بولاية الملك وهذا لأنه من مملوكه ينزل منزلة السلطان من رعيته أو هو أقوى حتى تنفذ فيه تصرفاته ولو حلف لا يضربه فأمر غيره حتى ضربه حنث كالسلطان في حق الرعية ولهذا قلنا إذا كان مكاتبا أو ذميا أو امرأة لا يقيم الحد لأنه بولاية السلطنة لا يقيم فكذلك بولاية الملك كما في حق نفسه لما كان لا يقيم الحد على نفسه بولايته السلطنة لا يقيم بملكه نفسه ولأن في القول بأنه يقيم التعزير عليه دون الحد جمعا بين التعزير والحد بسبب فعل واحد لأنه إذا علم بزناه عزره ثم رفعه إلى الإمام فيقيم عليه الحد ولا يجمع بينهما بسبب فعل واحد .
( وحجتنا ) فيه قوله ! < فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب > ! واستيفاء ما على المحصنات للإمام خاصة فكذلك ما على الإماء من نصف ما على المحصنات وعن بن مسعود وبن عباس وبن الزبير رضي الله عنهم موقوفا ومرفوعا ضمن الإمام أربعة وفي رواية أربعة إلى الولاة الحدود والصدقات والجمعات والفيء .
والمعنى فيه وهو أن هذا حق الله تعالى يستوفيه الإمام بولاية شرعية فلا يشاركه غيره في استيفائه كالخراج والجزية والصدقات وتأثيره أن بسبب الملك يثبت للمولى الولاية في ما هو من حقوق ملكه فأما حقوق الله تعالى استيفاؤها بطريق النيابة ألا ترى أن حق العبد لا يستوفيه إلا هو أو نائبه والإمام متعين للنيابة عن الشرع .
فأما المولى بولاية الملك لا يصير نائبا عن الشرع وهو كأجنبي آخر في استيفائه بخلاف التعزير