لأن شهادتهن حجة فيما لا يطلع عليه الرجال ولكن لا يقام الحد على الشهود بقول النساء وكذلك المجبوب إذا علم أنه مجبوب درئ الحد .
ولم يحد الشهود لأن المجبوب لا يزني ولا حد على قاذفه وهذا لأن المقصود من إقامة الحد إظهار كذب القاذف ليندفع به العار عن المقذوف وكذبه ظاهر هنا وإنما يلحق العار القاذف هنا دون عفة المقذوف .
وعند الشافعي رحمه الله تعالى قذف المجبوب كقذف غيره .
يوجب الجلد على القاذف بناء على أصله أن نفس القذف جريمة وفيما يرجع القاضي فيه إلى قول النساء يكتفي بقول امرأة واحدة والمثنى أحوط وقد بينا هذا في الطلاق .
( قال ) ( وإذا قال المسلم الزاني أنا عبد فشهد نصرانيان أن مولاه أعتقه منذ سنة وهو نصراني عتق بشهادتهما ولكن يقام عليه حد العبيد ) لأن شهادة النصراني لا تكون حجة على المسلم فيجعل فيما يقام عليه وجود هذه الشهادة كعدمها بخلاف ما إذا شهد على ذلك رجل وامرأتان فإن هذه الشهادة حجة على المسلم فيكون معتبرا في إقامة الحد الكامل عليه وهذا الفرق الذي قررناه في مسألة الإحصان .
( قال ) ( وإن شهد أربعة نصارى على نصراني بالزنى فقضى عليه بالحد ثم أسلم قال أدرأ عنه الحد ) لأن القاضي لا يتمكن من إقامة الحد إلا بحجة وشهادة النصراني ليست بحجة على المسلم وقد بينا أن العارض من قبل إقامة الحد كالمقترن بالسبب وكذلك لو كان أقيم عليه بعضه وأسلم لا يقام عليه ما بقي وكذلك الشهادة على السرقة والقطع والقتل وهذا استحسان في الحدود والقصاص وأما في القياس فقد تم القضاء بما هو حجة ولا تأثير للإسلام بعد ذلك في إسقاط ما لزمه من الحق عنه كالمال إذا قضى عليه بشهادة النصراني فأسلم يستوفي منه .
وفي الاستحسان قال العقوبات تندرئ بالشبهات فيجعل المعترض قبل الاستيفاء شبهة مانعة كالمقترن بأصل السبب بخلاف الأموال فإنها تثبت بالشبهات ثم المقصود في العقوبات الاستيفاء ولهذا لو رجع الشهود قبل الاستيفاء امتنع الاستيفاء بخلاف المال وقد بينا أن في الحدود التي هي حق الله تعالى تمام القضاء بالاستيفاء فما يعترض قبل الاستيفاء من إسلام المقضي عليه يجعل كالموجود قبل القضاء ثم ذكر مسألة الشهادات أن شهادة الكفار بعضهم على بعض جائزة وإن اختلفت مللهم إلا على قول بن أبي ليلى قال لا نجيز شهادة أهل ملة على أهل ملة أخرى .
( قال ) ( ولا تجوز شهادة الكافر المحدود في القذف فإن أسلم ثم شهد جازت شهادته ) لأنه بالإسلام استفاد عدالة لم تكن موجودة قبل إقامة الحد وهذه العدالة لم