ذلك على الإقرار ولم يبين في الكتاب حد التقادم .
وقد روى عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه قال جهدت بأبي حنيفة رحمه الله تعالى كل الجهد فأبى أن يؤقت في التقادم وقتا وهذا لأن ذلك يختلف باختلاف أحوال الناس في البعد من القاضي والقرب وباختلاف عادة القاضي في الجلوس والتوقيت لا يكون بالرأي بل بالنص فلما لم يجد فيه نصا أبى أن يوقته بشيء وجعله موكولا إلى رأي القاضي .
وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنهم إذا شهدوا بعد سنة لا تقبل .
وأشار الطحاوي رحمه الله تعالى إلى ستة أشهر وهو الحين .
والأصح ما نقل عن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى أنهما قدرا ذلك بشهر فقالا ما دون الشهر قريب عاجل والشهر وما فوقه آجل كما بينا في الأيمان فإذا شهدوا به بعد شهر لا تقبل .
ولكن هذا إذا لم يكن بينهم وبين القاضي مسيرة شهر فإن كان ذلك وعلم أنه تأخر الأداء لبعدهم من مجلسه لا يكون ذلك قدحا في شهادتهم ولا يمتنع إقامة الحد به لحديث المغيرة رضي الله عنه فإنه كان واليا بالبصرة حين جاء الشهود إلى المدينة فشهدوا عليه بالزنى فكتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن سلم عملك إلى أبي موسى والحق بي ثم لما حضر قبل الشهادة عليه حتى قال بعد شهادة الواحد أوه أودى ربع المغيرة فعرفنا أن التقادم إذا كان لعذر ظاهر لا يكون قدحا بالشهادة .
إذا عرفنا هذا قلنا في مسألة الكتاب وهو ما إذا هرب فوجد بعد أيام في القياس أنه لا يمتنع إقامة بقية الحد عليه لأنه إنما تأخر لعذر وهو هربه فلا يكون ذلك قدحا في الشهادة .
ولكنه استحسن فقال العارض في هذه الحدود بعد الشهادة قبل الإتمام كالمقترن بالشهادة بدليل عمي الشهود وردتهم وهذا لأن التفريط هنا كان من أعوان الإمام حتى تمكن من الهرب منهم فالظاهر أنهم مالوا إلى اكتساب سبب درء الحد عنه ثم حملتهم العداوة على الجد في طلبه فكان هذا والضغينة في الشهود سواء .
( قال ) ( ولا تسقط شهادة القاذف ما لم يضرب تمام الحد إذا كان عدلا ) لأن القذف خبر متردد بين الصدق والكذب فلا يكون مسقطا للشهادة وإنما المسقط للشهادة إقامة الحد عليه لأن الحكم بكذبه يتحقق والحد لا يتجزى فما دونه يكون تعزيرا لا حدا والتعزير غير مسقط للشهادة ففي هذه المسألة عن أبي حنيفة رحمه الله ثلاث روايات أحدها ما بينا وهو قولهما .
والثانية إذا أقيم عليه أكثر الحد سقطت شهادته إقامة للأكثر مقام الكل .
والثالثة إذا ضرب سوطا واحدا تسقط شهادته لأن من ضرورة إقامة ذلك القدر من الحد الحكم بكذبه .
وكذلك هذه الروايات