أن يأتي به إلا بكشف العورة فذلك حرام فلا يكون من أركان صلاته فلهذا لا يلزمه القيام والركوع والسجود .
وإن صلوا جماعة قياما بركوع وسجود أجزأهم لأن تمام الستر لا يحصل بالقعود فتركه لا يمنع جواز الصلاة وإنما أمرناهم بترك الجماعة ليتباعد بعضهم من بعض فلا يقع بصر بعضهم على عورة البعض لأن الستر يحصل به ولكن الأولى لإمامهم إذا صلوا بجماعة أن يقوم وسطهم لكيلا يقع بصرهم على عورته وإن تقدمهم جاز أيضا وحالهم في حال الموضع كحال النساء في الصلاة فالأولى أن يصلين وحدهن فان صلين بالجماعة قامت إمامهن وسطهن وإن تقدمتهن جاز فكذلك حال العراة .
وإن كان مع العاري ثوب فيه نجاسة فإن كان قدر الربع من الثوب طاهرا يلزمه أن يصلى فيه فلو صلى عريانا لم تجز لأن الربع بمنزلة الكمال في بعض الأحكام ألا ترى أن نجاسة الربع في حالة الاختيار في المنع من جواز الصلاة كنجاسة الكل فكذلك طهارة الربع في حالة الضرورة كطهارة الكل لوجوب الصلاة فيه وأما إذا كان الثوب كله مملوءا دما أو كان الطاهر منه دون ربعه فعند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى يخير بين أن يصلي عريانا وبين أن يصلي فيه وهو الأفضل .
وقال محمد رحمه الله تعالى لا تجزئه الصلاة إلا فيه لأن الصلاة في الثوب النجس أقرب إلى الجواز من الصلاة عريانا فإن القليل من النجاسة في الثوب لا يمنع الجواز فكذلك الكثير في قول بعض العلماء وقال عطاء من صلى وفي ثوبه سبعون قطرة من دم جازت صلاته ولم يقل أحد بجواز الصلاة عريانا في حالة الاختيار ولأنه لو صلى عريانا كان تاركا لفرائض منها ستر العورة ومنها القيام والركوع والسجود فإذا صلى فيه كان تاركا فرضا واحدا وهو طهارة الثوب فهذا الجانب أهون .
وقالت عائشة رضى الله تعالى عنها ما خير رسول الله عليه وسلم بين شيئين إلا اختار أهونهما .
فمن ابتلى ببليتين فعليه أن يختار أهونهما وأبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى قالا الجانبان في حكم الصلاة سواء على معنى أن كل واحد منهما ضرورة محضة لا تجوز عند الاختيار في النفل ولا في الفرض يعنى الصلاة عريانا والصلاة في ثوب مملوء دما وإنما يعتبر التفاوت في حكم الصلاة فإذا استويا خير بينهما والأولى أن يصلى فيه لأن ستر العورة غير مختص بالصلاة وطهارة الثوب عن النجاسة تختص بها فلهذا كان الأفضل أن يصلى فيه .
قال ( وإذا أحدث الرجل في ركوعه أو سجوده فذهب وتوضأ وجاء لم يجزئه الاعتداد بالركوع والسجود الذي أحدث فيه ) لأن الحدث قد نقضه ومعنى