فيكون زنا إلا أنه لا يقام عليه الحد لوجوب تبليغه مأمنه وأما إذا مكنت نفسها من مكره فعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يجب الحد عليها وإن ضجع أبو يوسف رحمه الله تعالى الرواية فيه بقوله لست أحفظ عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى في المكره شيئا وهذا لأن المكره ممنوع عن الإقدام على الزنى وفي الإقدام عليه يكون فعله زنا وتصير هي بالتمكين زانية تبعا فيلزمها الحد .
( قال ) ( وإذا زني المسلم أو الذمي بالمستأمنة حد المسلم والذمي دون المستأمنة عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى يحدان ) أما الكلام في المستأمنة فقد بيناه وتعذر إقامة الحد عليها ليس للشبهة فلا يمنع إقامته على الرجل مسلما كان أو ذميا لأن حد الزنى يقام على أهل الذمة عندنا .
وقال مالك رحمه الله تعالى لا يقام ولكنه يدفع إلى أهل دينه ليقيموا عليه ما يعتقدون من العقوبة لما روى عن عمر وعلي رضي الله عنهما لما سئلا عن ذميين زنيا فقالا يدفعان إلى أهل دينهما ولكنا نقول قد أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجم على اليهوديين وكانا ذميين ولنا فيه أسوة حسنة ولأن الذمي من أهل دارنا وملتزم أحكامنا فيما يرجع إلى المعاملات وهو يعتقد حرمة الزنى كما يعتقده المسلم فيقام عليه كما يقام على المسلم لأن المقصود من الحدود تطهير دار الإسلام عن ارتكاب الفواحش توضيحه أن من كان من أهل دارنا فهو تحت يد الإمام حقيقة وحكما حتى يمنعه من الرجوع إلى دار الحرب فيقيم الحد عليه أيضا بخلاف المستأمن فإنه ليس تحت يد الإمام حكما حتى لا يمنعه من الرجوع إلى دار الحرب .
( قال ) ( وإذا شهد الشهود على رجل أنه زنى بامرأة فقال ظننت أنها تحل لي أو شبهتها بامرأتي أو جاريتي لم يدرأ عنه الحد ) لأن فعل الزنى قد تحقق عنه وظنه هذا ليس بصادر عن دليل فكان لغوا وكذلك لو أن بصيرا وجد امرأة على فراشه فواقعها على ظن أنها امرأته وهي أجنبية فعليه الحد وكذلك الأعمى عندنا وقال زفر رحمه الله يدرأ الحد عن الأعمى لأنه عدم آلة التمييز وهو البصر فبنى على ظاهر الحال والظاهر أن لا يكون على فراشه إلا زوجته أو أمته فيصير ذلك شبهة في حقه بخلاف البصير ومذهبنا مروى عن عمر رضي الله عنه .
والمعنى فيه أن اعتمد مجرد الظن فإن الموجودة على فراشه قد تكون أمه أو أخته وقد تكون أجنبية وقد تكون زوجته فلا معتبر بذلك وهو متمكن من أن يسألها كتمكن البصير من أن يراها فأما إذا دعى الأعمى امرأته إلى فراشه فأتته أجنبية فواقعها إن كانت قالت له أنا زوجتك فلا حد عليه وإن أجابت أو أتته ساكتة