هرب فاستقبله رجل بلحي حمل فقتله ثم لما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هلا خليتم سبيله وفي رواية أبطأ عليه الموت فهرب من أرض قليلة الحجارة إلى أرض كثيرة الحجارة ولو كان مربوطا أو في حفيرة لم يتمكن من الهرب .
وأما المرأة فإن حفر لها فحسن وإن ترك لم يضر لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر برجم الغامدية أمر بأن يحفر لها إلى قريب من السرة فجعلت فيها فلما رجموها وماتت أمر بإخراجها وصلى عليها وقال لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له وإن عليا رضي الله عنه حفر لشراحة الهمدانية إلى قريب من السرة ثم لفها في ثيابها وجعلها فيها ثم رماها وكان مصيب الرمية فأصاب أصل أذنها ولأن مبنى حال المرأة على الستر والحفر أستر لها لأنها تضطرب إذا مستها الحجارة فربما ينكشف شيء من عورتها ولكن مع هذا الحفر ليس من الحد في شيء فلا يضر تركه فأما مبنى حال الرجال على الظهور فينصب قائما عند الرجم ولا يشبه بالنساء في الحفر له .
وإذا شهد الشهود على رجل وامرأة بالزنى فادعت المرأة أنه أكرهها ولم يشهد الشهود بذلك ولكنهم شهدوا أنها طاوعته فعليهما الحد لأن إنكارها صفة الطواعية لا يكون فوق إنكارها أصل الفعل ولا ينفعها ذلك بعد ما شهد الشهود به عليها ولكن إن قالت تزوجني وقال الرجل كذبت بل زنيت بها فلا حد على واحد منهما لأنها تدعى عليه الصداق .
ولو ساعدها الزوج على ذلك لزمه الصداق فإذا أنكر كان لها أن تحلفه عليه فإذا نكل لزمه الصداق وإن حلف لم يلزمه الصداق ولا يحد واحد منهما لأنه لو أقيم الحد إنما يقام بالحلف والحدود لا تقام بالأيمان بخلاف الأول فإنها بدعوى الإكراه لا تدعى الصداق لأن الزنى بالمكرهة لا يوجب الصداق لها .
والشافعي رحمه الله يخالفنا في الفصلين فيقول بمجرد دعواهما أو دعوى أحدهما النكاح لا يسقط الحد لقوله صلى الله عليه وسلم لو أعطى الناس بدعواهم وهذا لأن كل زان لا يعجز عن دعوى نكاح صحيح أو فاسد فلو أسقطنا الحد بمجرد الدعوى لانسد باب إقامة الحد .
ولكنا نقول كما أمرنا بإقامة الحدود فقد أمرنا بدرئها بالشبهة قال صلى الله عليه وسلم ادرؤا الحدود بالشبهات وتتمكن الشبهة عند دعوى أحدهما النكاح لاحتمال أن يكون صادقا ألا ترى أنه تسمع بينته على ذلك ويستحلف خصمه على قول من يرى الاستحلاف في النكاح فإذا سقط الحد يسقط عن الآخر للشركة ولا يؤدي هذا إلى سد باب الحد ألا ترى أن هذا الحد يقام بالإقرار ثم لو رجع المقر عن إقراره لا يقام عليه ولا يؤدي ذلك إلى سد باب إقامة