قذفه قاذف لا يحد قاذفه فكيف يحد هذا الراجع .
( قلنا ) هو مرجوم بحكم الحاكم بشهادتهم وهو يزعم أن شهادته ليست بحجة وزعمه معتبر في نفسه بخلاف القاذف فإن قذفه لا يقدح في الشهادة التي هي حجة .
( فإن قيل ) أكثر ما فيه أنه مقر بأنه كان عفيفا ولو قذفه إنسان بالزنى ثم أكذب نفسه وقال إنه كان عفيفا لا يقام عليه الحد أيضا .
( قلنا ) نعم القاذف وإن أكذب نفسه فالحجة المسقطة للإحصان بقيت كاملة في حقه فأما إذا رجع واحد من الشهود لا تبقى الحجة المسقطة للإحصان كاملة في حقه فلهذا يقام عليه الحد وهذا بخلاف ما إذا ظهر أن أحدهم عبد لأن العبد لا شهادة له فتبين أن كلامهم كان قذفا في حال حياته ومن قذف حيا ثم مات لا يقام عليه الحد فأما حكم الضمان فعلى الراجع ربع الدية لأنه زعم أنه مقتول ظلما بشهادتهم وكل شاهد على الزنى متلف ربع النفس كما قال عمر رضي الله عنه حين شهد أحد الشهود على المغيرة رضي الله عنه أوه أودى ربع المغيرة ولأنه قد بقى على الشهادة من يقوم بثلاثة أرباع الحق وإنما انعدمت الحجة في ربع الحق فلهذا كان على الراجع ربع الدية عندنا .
( قال ) ( ولو رجعوا جميعا حدوا حد القذف وغرم كل واحد منهم ربع الدية عندنا ) وقال بن أبي ليلى والحسن رحمهما الله تعالى يقتلون لأنهم قاتلون له فإن ما يحصل بقضاء القاضي يكون مضافا إلى شهادة الشهود ونحن نسلم أنهم بمنزلة القاتلين له ولكن قضاء القاضي بإباحة دمه شبهة مانعة من وجوب القصاص مع أن الرجم يكون بالحجارة ومباشرة القتل بالحجر لا يوجب القصاص عندنا والشهود متسببون عندنا ولا قصاص على المتسبب على ما نبين في كتاب الديات في شهود القصاص .
( قال ) ( وإن قال أحد الشهود بعد الرجم كنت يوم شهدت عليه كافرا أو مملوكا لم يصدق على أصحابه في ذلك ) لما بينا أن كلامهم حجة متأكدة باعتبار الظاهر وإقرار المرء حجة على نفسه لا على غيره فلا يتبين بقوله إن كلامهم كان قذفا بخلاف ما إذا ظهر أن أحدهم كان كافرا أو عبدا فإن هناك تبين أن كلامهم كان قذفا فإن كان المقذوف حيا بأن كان الحد جلدا يحدون وإن كان المقذوف ميتا بأن كان الحد رجما لا يحدون .
ثم إذا ظهر أن أحد الشهود كان أعمى أو محدودا في قذف فهو وما لو ظهر أنه عبد سواء لأن المحدود في القذف ليس له شهادة الأداء فإن الشرع أبطل شهادته ولهذا لا يلاعن امرأته والأعمى ليست له شهادة في الزنى لأن الشهادة على الزنى لا تكون إلا بعد الرؤية كالمرود في المكحلة وليس للأعمى ذلك .
ومعتق البعض كالمكاتب عند أبي حنيفة رحمه الله