الصلاة والسلام الاثنان فما فوقهما جماعة فإن وقفت بحذاء الإمام تأتم به وقد نوى إمامتها فسدت صلاة الإمام والقوم كلهم لأن صلاة الإمام بسبب المحاذاة في صلاة مشتركة تفسد وبفساد صلاته تفسد صلاة القوم .
وكان محمد بن مقاتل يقول لا يصح اقتداؤها لأن المحاذاة اقترنت بشروعها في الصلاة ولو طرأت كانت مفسدة لصلاتها فإذا اقترنت منعت صحة اقتدائها .
وهذا فاسد لأن المحاذاة لا تؤثر في صلاتها وإنما تبطل صلاتها بفساد صلاة الإمام فلا تفسد صلاة الإمام إلا بعد شروعها لأن المحاذاة ما لم تكن في صلاة مشتركة لا تؤثر في صلاتها إلا فسادا حتى أن الرجل والمرأة إذا وقفا في مكان واحد فصلى كل واحد منهما وحده لا تفسد صلاة الرجل لأن الترتيب في المقام إنما يلزمه عند المشاركة كالترتيب بين المقتدي والإمام والأصل فيه حديث عائشة رضى الله تعالى عنها قالت كان رسول الله يصلى بالليل وأنا نائمة بين يديه معترضة كاعتراض الجنازة فكان إذا سجد خنست رجلى وإذا قام مددتهما .
وأما إذا لم ينو الإمام إمامتها لم تكن داخلة في صلاته فلا تفسد الصلاة على أحد بالمحاذاة عندنا .
وقال زفر رحمه الله تعالى يصح اقتداؤها به وإن لم ينو إمامتها .
والقياس ما قاله زفر فإن الرجل صالح لإمامة الرجال والنساء جميعا ثم اقتداء الرجال بالرجل صحيح وإن لم ينو الإمامة فكذلك اقتداء النساء واستدل بالجمعة والعيدين فإن اقتداء المرأة بالرجل صحيح فيهما وإن لم ينو إمامتها .
( ولنا ) أن الرجل لما كان يلحق صلاته فساد من جهة المرأة أمكنه التحرز عنه بالنية كالمقتدى لما كانت صلاته يلحقها فساد من جهة الإمام أمكنه التحرز عنه بالنية وهو أن لا ينوي الاقتداء به وهذا لأنا لو صححنا اقتداءها بغير النية قدرت على إفساد صلاة الرجل كل امرأة متى شاءت بأن تقتدي به فتقف إلى جنبه وفيه من الضرر ما لا يخفى .
وفي صلاة الجمعة والعيدين أكثر مشايخنا قالوا لا يصح اقتداؤها به ما لم ينو إمامتها وإن كان الجواب مطلقا في الكتاب .
ومنهم من سلم فقال الضرورة في جانبها ها هنا لأنها لا تقدر على أداء صلاة العيد والجمعة وحدها ولا تجد إماما آخر تقتدي به والظاهر أنها لا تتمكن من الوقوف بجنب الإمام في هذه الصلوات لكثرة الازدحام فصححنا اقتداءها به لدفع الضرر عنها بخلاف سائر الصلوات .
وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنها إذا وقفت خلف الإمام جاز اقتداؤها به وإن لم ينو إمامتها ثم إذا وقفت إلى جنبه فسدت صلاتها لا صلاة الرجل وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله