شاهدان أنه محصن استفسرهما عن الإحصان ما هو وكيف هو فإذا بينا ذلك رجمه إن كان الشاهد بالإحصان رجلين ولا يشترط في الإحصان عدد الأربعة لأنه ليس بسبب موجب للعقوبة .
( قال ) ( وكذلك لو شهد رجل وامرأتان بالإحصان ) وعلى قول زفر والشافعي رحمهما الله تعالى لا يثبت الإحصان بشهادة رجل وامرأتين .
أما الكلام مع الشافعي رحمه الله تعالى ينبني على ما بينا في النكاح أن النكاح في غير هذه الحالة عنده لا يثبت بشهادة الرجل مع النساء لأنه ليس بمال ولا من حقوق ما هو مال وإنما يتحقق الكلام هنا بيننا وبين زفر فحجته رحمه الله تعالى أن المقصود بالإحصان هنا تكميل العقوبة وباعتبار ما هو المقصود لا يكون للنساء فيه شهادة لأن المكمل للعقوبة بمنزلة الموجب لأصل العقوبة به فكما لا يثبت أصل العقوبة بشهادة النساء فكذلك تكميلها .
ألا ترى أن هذا الزاني لو كان عبدا مسلما لذمي فشهد ذميان أن مولاه كان أعتقه قبل الزنى وقد استجمع سائر شرائط الإحصان لا تقبل شهادتهما ومعلوم أن في غير هذه الحالة شهادة أهل الذمة على العتق على الذمي مقبولة ولكن لما كان المقصود هنا تكميل العقوبة على المسلم نظرنا إلى المقصود دون المشهود به يوضح ما قلنا أن الإحصان شرط والحكم يضاف إلى الشرط وجودا عنده كما يضاف إلى السبب ثبوتا به فكما لا يثبت سبب العقوبة بشهادة النساء فكذلك شرطها .
( وحجتنا ) فيه أن الإحصان ليس بسبب موجب للعقوبة فيثبت بشهادة الرجال مع النساء كسائر الحقوق وهذا لا إشكال فيه فإن الإحصان عبارة عن خصال حميدة بعضها مأمور به وبعضها مندوب إليه فيستحيل أن يكون سببا لإيجاب العقوبة ولا هو شرط أيضا لأن الشرط ما يتوقف الحكم على وجوده بعد السبب ولا يتوقف وجوب الرجم على وجود الإحصان بعد الزنى فإنه وإن صار محصنا بعد الزنى لم يرجم ولكنه عبارة عن حال في الزاني يصير الزنى في تلك الحالة موجبا للرجم والحكم غير مضاف إلى الحال ثبوتا ولا وجودا عنده فعرفنا أن الشهادة بالنكاح في هذه الحالة وفي غير هذه الحالة سواء .
وأما شهادة أهل الذمة فنقول العتق هناك يثبت وإنما لا يثبت سبق التاريخ لأن هذا تاريخ ينكره المسلم وما ينكره المسلم لا يثبت بشهادة أهل الذمة ولأن المسلم يتضرر بهذه الشهادة من حيث إقامة العقوبة الكاملة عليه ولا يجوز أن يتضرر المسلم بشهادة الكفار .
وتحقيقه أن شهادة أهل الذمة دخلها الخصوص في المشهود عليه لا في المشهود به فإن شهادتهم على المسلمين غير مقبولة وعلى أهل الذمة مقبولة في الحدود وغيرها فإذا كان الخصوص في