$ كتاب الحدود $ ( قال ) الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الإسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله تعالى إملاء .
الحد في اللغة هو المنع ومنه سمي البواب حدادا لمنعة الناس من الدخول وسمي اللفظ الجامع المانع حدا لأنه يجمع معاني الشيء ويمنع دخول غيره فيه فسميت العقوبات حدودا لكونها مانعة من ارتكاب أسبابها .
وفي الشرع الحد اسم لعقوبة مقدرة تجب حقا لله تعالى ولهذا لا يسمى به التعزير لأنه غير مقدر ولا يسمي به القصاص لأنه حق العباد وهذا لأن وجوب حق العباد في الأصل بطريق الجبران فأما ما يجب حقا لله تعالى فالمنع من ارتكاب سببه لأن الله تعالى عن أن يلحقه نقصان ليحتاج في حقه إلى الجبران وهي أنواع فهذا الكتاب لبيان نوعين منها حد الزنى وحد النسبة إلى الزنى وسبب كل واحد منهما ما يضاف إليه لأن الواجبات تضاف إلى أسبابها والموجب هو الله تعالى ولكن الأسباب لتيسير المعرفة على العباد لا أن تكون الأسباب هي الموجبة ثم حد الزنى نوعان رجم في حق المحصن وجلد في حق غير المحصن وقد كان الحكم في الابتداء الحبس في البيوت والتعيير والأذى باللسان كما قال الله تعالى ! < فأمسكوهن في البيوت > ! 15 وقال ! < فآذوهما > ! 16 ثم انتسخ ذلك بحديث عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة وقد كان هذا قبل نزول سورة النور بدليل قوله خذوا عني ولو كان بعد نزولها لقال خذوا عن الله تعالى ثم انتسخ ذلك بقوله تعالى ! < فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة > ! 2 واستقر الحكم على الجلد في حق غير المحصن والرجم في حق المحصن فأما الجلد فهو متفق عليه بين العلماء وأما الرجم فهو حد مشروع في حق المحصن ثابت بالسنة إلا على قول الخوارج فإنهم ينكرون الرجم لأنهم لا يقبلون الأخبار إذا لم تكن في حد التواتر .
والدليل على أن الرجم حد في حق المحصن