لا أكلمك ثمانية أيام فقد حنث مرتين لأنه باليمين الثانية صار مخاطبا له فيحنث في اليمين الأولى وباليمين الثالثة صار مخاطبا له فيحنث في اليمين الثانية وعليه اليمين الثالثة حتى إن كلمه في الثمانية الأيام حنث أيضا وإن قال والله لا أكلمك ثمانية أيام والله لا أكلمك تسعة أيام والله لا أكلمك عشرة أيام فقد حنث مرتين وعليه اليمين الثالثة إن كلمة في العشرة الأيام حنث أيضا .
( رجل قال علي المشي إلى بيت الله تعالى وكل مملوك له حر وكل امرأة له طالق إن دخل هذه الدار وقال رجل آخر علي مثل ما حلفت على يمينك من هذه الأيمان إن دخلت الدار فدخل الثاني الدار لزمه المشي إلى بيت الله تعالى ولم يلزمه عتق ولا طلاق ) لأن الثاني صرح بكلمة على وهي كلمة التزام فكانت عاملة فيما يصح التزامه في الذمة دون ما لا يصح التزامه في الذمة والمشي إلى بيت الله تعالى يصح التزامه في الذمة فيتعلق بدخوله الدار وعند الدخول يصير كالمنجز فأما الطلاق لا يصح التزامه في الذمة والعتق وإن كان يصح التزامه في الذمة ولكن لا يتنجز في المحل بدون التنجيز فلهذا لا يعتق مملوكه ولا تطلق زوجته إذا دخل الدار .
وذكر في اختلاف زفر ويعقوب رحمهما الله تعالى أن الرجل إذا قال لامرأته أنت طالق إن دخلت الدار وقال آخر علي مثل ذلك في امرأتي من الطلاق إن دخلتها فدخل الثاني الدار لم تطلق امرأته عند أبي يوسف رحمه الله تعالى وطلقت عند زفر رحمه الله تعالى لأنه ألزم نفسه عند دخول الدار في امرأته من الطلاق ما التزمه الأول والأول إنما الزم نفسه وقوع الطلاق عليها عند الدخول لا لزوم الطلاق دينا في ذمته فيثبت ذلك في حق الثاني ( قال ) في الكتاب ألا ترى أنه لو قال لله علي طلاق امرأتي لا يلزمه شيء وهذا يصير رواية في فصل وفيه اختلاف أن من قال لامرأته طلاقك على واجب أو طلاقك لي لازم فكان محمد بن سلمة رحمه الله تعالى يقول يقع الطلاق فيهما جميعا .
والعراقيون من مشايخنا كانوا يقولون في قوله علي واجب لا يقع وفي قوله لي لازم يقع .
والأصح ما ذكره محمد بن مقاتل رضي الله تعالى عنه .
عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا يقع الطلاق فيهما جميعا لأن الوجوب واللزوم يكون في الذمة والطلاق لا يلتزم في الذمة وليس لالتزامه في الذمة عمل في الوقوع .
وعلى قول محمد رحمه الله تعالى في قوله لي لازم يقع لأن معناه حكم الطلاق لي لازم وجعل السبب كناية عن الحكم صحيح .
وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى ينوى في ذلك لاحتمال أن يكون المراد لزوم الحكم إياه فإذا نوى الوقوع وقع فأما العتق فقد جعل الثاني بهذا اللفظ