وقد تحقق منه بما استعار من حائطه ليضع عليه جذوعه فهو كما لو استعار منه بيتا أو دارا أو دابة ولو سار إليه ضيفا أو دخل عليه فاستقى من بئره لم يحنث لأنه لا يسمى مستعيرا شيئا فإن موضع جلوس الضيف وما جلس عليه في يد المضيف ومن استقي من بئر في دار غيره لا تثبت يده على الرشا فلا يكون مستعيرا شيئا من ذلك .
ولو حلف لا يعرف هذا الرجل وهو يعرفه بوجهه دون اسمه لم يحنث لأنه يعرفه من وجه دون وجه فإنه يمكنه أن يشير إليه إذا كان حاضرا ولا يمكنه إحضاره إذا كان غائبا والثابت من وجه دون وجه لا يكون ثابتا مطلقا والأصل فيه ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل رجلا عن رجل فقال هل تعرفه فقال نعم فقال هل تدري ما اسمه قال لا قال فإنك إذا لا تعرفه إلا أن يعني معرفة وجهه فإن عني ذلك فقد شدد الأمر على نفسه واللفظ محتمل لما نوى وهذا إذا كان للمحلوف عليه اسم فإن لم يكن له اسم بأن ولد من رجل فرأى الولد جاره ولكن لم يسم بعد فحلف الجار أنه لا يعرف هذا الولد فهو حانث لأنه يعرف وجهه ويعرف نسبه وليس له اسم خاص ليشترط معرفة ذلك فكان حانثا في يمينه والله أعلم بالصواب .
$ باب في الاستثناء $ ( قال ) ( وإذا قال الرجل لامرأته أنت طالق إلا أن يقدم فلان فإن قدم فلان لم تطلق وإن مات قبل أن يقدم طلقت ) لأن معنى كلامه أنت طالق إن لم يقدم فلان أي إلا أن يقدم فلان فلا تكون طالقا وإنما لا تكون طالقا عند قدوم فلان إذا كان الوقوع متعلقا بشرط عدم القدوم سواء كان الشرط نفيا أو إثباتا فما لم يوجد لا ينزل الجزاء فإن قدم فلان فشرط الوقوع قد انعدم .
وإذا مات قبل أن يقدم فقد تحقق شرط الوقوع الآن وهذا بخلاف ما لو قال أنت طالق إن كلمت فلانا إلا أن يقدم فلان فإنها إن كلمت فلانا قبل القدوم طلقت وإن سبق القدوم لم تطلق بعد ذلك وإن كلمت فلانا يمين لوجود الشرط والجزاء واليمين قابلة للتوقيت فكان قوله إلا أن يقدم فلان توقيت ليمينه بمعنى حتى وإذا كلمت قبل القدوم فقد وجد الشرط واليمين باقية فتطلق وإذا قدم فلان فقد انتهت اليمين بوجود غايتها وإذا كلمت بعد ذلك فقد وجد الشرط ولا يمين فأما في الأول قوله أنت طالق إيقاع لا يحتمل التوقيت فلو جعلنا قوله إلا أن يقدم فلان بمعنى حتى كان لغوا وكلام العاقل مهما أمكن