يعنى ثوبا لأنه نوى حقيقة كلامه .
وإن حلف لا يلبس ثوبا من غزل فلانة فلبس ثوبا من غزلها وغزل أخرى لم يحنث لأن الذي من غزلها بعض الثوب ويستوى إن نسج غزلهما مختلطا أو غزل كل واحدة منهما في جانب على حدة .
وكذلك لو حلف لا يلبس ثوبا من نسج فلان أو من شراء فلان وهذا إذا كان فلان ذلك يباشر الشراء والنسج بيده .
فإن كان ممن لا يفعل ذلك وإنما ينسج له غلمانه وأجراؤه فهو حانث إذا لبس ثوبا نسجوه له لأن مقصود الحالف معتبر في اليمين .
وإن حلف لا يلبس خزا فلبس ثوبا من هذا الذي يسميه الناس الخز حنث وإن لم يكن خالصا لأن مطلق الاسم منصرف إلى ما هو المتعارف باعتبار أن العرف اصطلاح حادث طرأ على أصل اللغة وهو مقصود المتكلم عند الإطلاق .
وإن حلف لا يلبس حريرا أو ابريسما فلبس ثوب خز سداه حرير وابريسم لم يحنث لأن الثوب لا ينسب إلى سداه وإنما ينسب إلى لحمته فإن اللحمة هي التي تظهر دون السدا ألا ترى أن لبس الحرير حرام على الذكور ثم لابأس بلبس العتابي والمصمت .
وإن كان سداه حريرا لأن لحمته غزل .
ولو لبس ثوبا لحمته ابريسم أو حرير حنث عندنا بمنزلة ما لو كان حريرا كله ألا ترى أنه لا يحل للرجال لبسه والشافعي يعتبر اللون والبريق فيقول إن كان الغالب عليه بريق الإبريسم ولينه حنث وإلا فلا وأشار إلى الفرق بين هذا وبين الخز ولا معنى للفرق سوى العرف فإن الناس يسمونه ثوب الخز وإن لم تكن لحمته خزا ولا يسمونه ثوب الحرير إلا أن يكون حريرا كله أو يكون لحمته حريرا .
( قال ) ( إلا أن يعني سدا الثوب أو لحمته أو علمه فحينئذ يحنث إذا لبسه بتلك الصفة ) لأنه شدد الأمر على نفسه بنيته وإن حلف لا يلبس قطنا فلبس ثوب قطن حنث لأن القطن هكذا يلبس .
وإن لبس قباء لبس بقطن ولكنه محشو بقطن لم يحنث لأن القباء ينسب إلى الظهارة لا إلى الحشو ولا يسمى في الناس لابسا للحشو وإنما يسمى لابسا للقباء المحشو فلا يحنث لكون حشوه قطنا إلا أن يعنيه .
وإن حلف لا يلبس كتانا فلبس ثوبا من قطن وكتان حنث لأنه قد لبس الكتان بخلاف ما لو كان حلف لا يلبس ثوب كتان لأنه إذا سمى الثوب فشرط حنثه أن يكون جميعه كتانا ولم يوجد وإذا سمي الكتان فشرط حنثه وهو لبس الكتان قد وجد لأنه يقال هذا ثوب قطن وكتان فإن القطن والكتان يستويان في إضافة الثوب إليهما فلا يصير منسوبا إلى أحدهما دون الآخر بخلاف الخز فإنه يغلب على الإبريسم في نسبة الثوب