على أكل عين السمن فلا بد من قيام عينه عند الأكل ليحنث وقيام عين المأكول بذاته أو طعمه فإذا كان يرى مكانه ويستبين فيه طعمه فقد علمنا وجود شرط حنثه .
زاد هشام في نوادره أن يكون بحال يمكن عصر السمن فأما إذا كان لا يرى مكانه ولا يستبين طعمه فيه فقد صار مستهلكا فيه .
ولم يذكر في الكتاب ما إذا عقد اليمين على مائع فاختلط بمائع آخر من جنسه أو من غير جنسه .
وذكر في النوادر عن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا حلف لا يشرب لبنا فصب الماء في اللبن وشربه فإن كان اللون فيما شرب لون اللبن ويوجد طعمه وهو الغالب فيحنث به وإن كان اللون لون الماء فيه علمنا أن اللبن مغلوب مستهلك فلا يحنث به ألا ترى أنه يقال للأول لبن مغشوش وللثاني ماء خالطه لبن وهكذا ذكر في نسخ الأصل .
وعن محمد رحمه الله تعالى أنه يعتبر الغلبة من حيث القلة والكثرة لأن القليل لا يظهر في مقابلة الكثير وإن كانا سواء لم يحنث في القياس للشك والتردد .
وفي الاستحسان هو حانث لأن ما حلف عليه لم يصر مغلوبا بما سواه .
وإن حلف لا يشرب لبن هذه البقرة فخلطه بلبن بقرة أخرى فعند أبي يوسف رحمه الله تعالى هذا والأول سواء لأن المغلوب في حكم المستهلك سواء كان الغالب من جنسه أو من خلاف جنسه .
وعند محمد رحمه الله تعالى يحنث هنا على كل حال لأن الشيء يكثر بجنسه ولا يصير مستهلكا به .
ولو حلف لا يأكل هذه التمرة فاختلطت بتمر فأكل ذلك التمر كله حنث لأنه قد أكل تلك التمرة حقيقة فإنه يأكل تمرة تمرة وجهله بما حلف عليه لا يمنع حنثه وإن حلف لا يأكل شعيرا فأكل حنطة فيها شعير حبة حبة حنث لأنه قد أكل المحلوف عليه بيقين وهذا بخلاف ما سبق من السمن إذا كان لا يرى مكانه في السويق لأن هناك يأكل الكل جملة فما يأكله من السمن مستهلك إذا كان لا يرى مكانه وهنا إنما يأكل حبة حبة فإذا أكل حبة الشعير وحدها فقد وجد شرط الحنث حتى إذا كانت يمينه على الشراء لم يحنث لأنه يشتري الكل جملة ومشتري الحنطة لا يسمى مشتريا للشعير وإن كان فيها حبات الشعير لأن بائعها لا يسمى بائع الشعير .
وإن حلف لا يأكل شحما فإن أكل شحم البطن فهو حانث وإن أكل لحما يخالطه شحم البطن فهو حانث .
وإن أكل لحما يخالطه شحم يعني شحم الظهر لم يحنث في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى .
وهو حانث في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى .
وذكر الطحاوي قول محمد مع قول أبي حنيفة .
وجه قول أبي يوسف رضوان الله عليهم