دخلها مجتازا ثم بدا له أن يقعد فيها لم يحنث لأن دخوله على الوجه المستثنى فلم يحنث به وبقى ما وراء ذلك مكث في الدار وذلك غير الدخول فلا يحنث به أيضا وإن نوى بكلامه أن لا يدخلها يريد النزول فيها صحت نيته لأنه عابر سبيل يكون مجتازا في موضع ولا يكون نازلا فيه فجعل هذا مستثني دليل على أن مراده منع نفسه مما هو ضده وهو الدخول للنزول فإذا صحت نيته صار المنوى كالملفوظ وإذا دخلها يريد أن يطعم أو يقعد لحاجة ولا يريد المقام فيها لم يحنث لأن شرط حنثه دخول بصفة وهو أن يكون للسكني والقرار ولم يوجد .
وإذا حلف لا يدخل دار فلان فجعلها بستانا أو مسجدا ودخلها لم يحنث قال لأنها قد تغيرت عن حالها ولم يرد تغير الوصف لأن ذلك لا يرفع اليمين إذا لم يكن وصفا داعيا إلى اليمين وإنما أراد تغير الاسم لأنه عقد اليمين باسم الدار والبستان والمسجد والحمام غير الدار فإذا لم يبق ذلك الاسم لا يبقي اليمين وكذلك لو كانت دارا صغيرة فجعلها بيتا واحدا وأشرع بابه إلى الطريق أو إلى دار فدخله لم يحنث لأنها قد تغيرت وصارت بيتا وهذه إشارة إلى ما قلنا أن اسم البيت غير اسم الدار فمن ضرورة حدوث اسم البيت لهذه البقعة زوال اسم الدار .
وإن حلف لا يدخل بيتا بعينه فهدم سقفه وبقيت حيطانه فدخله يحنث لأنه بيت وإن انهدم سقفه قال الله تعالى ! < فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا > ! 52 أي ساقطة سقفها ولأن البيت اسم لما هو صالح للبيتوتة فيه وما بقيت الحيطان فهو صالح لذلك وإن لم يكن مسقفا بخلاف ما لو انهدمت الحيطان لأنه صار صحراء غير صالح للبيتوتة فلا يتناوله اسم البيت .
وإن حلف لا يدخل دار فلان فاحتمله إنسان فأدخله وهو كاره لم يحنث لأنه مدخل لا داخل ألا ترى أن الميت قد يدخل الدار وفعل الدخول منه لا يتحقق وإن أدخله بأمره حنث لأن فعل الغير بأمره كفعله بنفسه فأما إذا لم يأمره ولكنه غير ممتنع راض بقلبه حتى أدخله فقد قال بعض مشايخنا يحنث لأنه لما كان متمكنا من الامتناع فلم يفعل صار كالآمر به وإدخاله مكرها إنما يكون مستثنى لأنه لا يستطيع الامتناع عنه .
والأصح أنه لا يحنث لأنه عقد يمينه على فعل نفسه وقد انعدم فعله حقيقة وحكما لأن فعل الغير بغير أمره واستعماله إياه لا يصير مضافا إليه حكما إلا بأمره ولم يوجد إما بترك المنع والرضا بالقلب .
فلا .
وإن دخلها على دابة حنث لأن سير الدابة يضاف إلى راكبها .
ألا ترى أن الراكب ضامن لما تطأ دابته وأنه يتمكن من إيقافه متى شاء فكان هذا والدخول ماشيا سواء .
وإن حلف لا يضع قدمه فيها فدخلها