وحاصل هذا الكلام أنه يحنث باعتبار عموم المجاز وفي ذلك الملك والمستعار سواء كمن حلف لا يضع قدمه في دار فلان فدخلها حافيا أو متنعلا أو راكبا يحنث باعتبار عموم المجاز وهو الدخول دون حقيقة وضع القدم .
( فإن قيل ) كيف يكون للمجاز عموم والمصير إليه بطريق الضرورة .
( قلنا ) العموم للحقيقة ليس باعتبار أنه حقيقة بل بدليل ذلك الدليل بعينه موجود في المجاز وهذا لأن المجاز كالمستعار ويحصل بلبس الثوب المستعار دفع الحر والبرد كما يحصل بلبس الثوب المملوك ولا يقال بأن المجاز يصار إليه للضرورة بل هو أحد قسمي الكلام ألا ترى أن في كتاب الله تعالى مجازا وحقيقة والله تعالى يتعالى أن تلحقه الضرورة فعرفنا أن العموم يعتبر في المجاز كما في الحقيقة .
وعلى هذا روي عن محمد رحمه الله تعالى أنه إذا حلف لا يدخل بيتا لفلان فدخل بيتا أجره فلان من غيره لم يحنث لأنه مضاف إلى المستأجر بالسكنى دون الآجر .
ولو حلف لا يسكن حانوتا لفلان فسكن حانوتا أجره فإن كان فلان ممن يسكن حانوتا لا يحنث بهذا أيضا وإن كان لا يسكن حانوتا فحينئذ يحنث لما عرف من مقصود الحالف فإن من حلف لا يسكن حانوت الأمير يعلم كل أحد أن مراده حانوت يملكه الأمير وإذا حلف لا يدخل على فلان ولم يسم شيئا ولم يكن له نية فدخل عليه في بيته أو في بيت غيره أو في صفة حنث لأنه وجد الدخول على فلان فإن الدخول عليه في موضع يبيت هو فيه أو يجلس لدخول الزائرين عليه وذلك يكون في بيته تارة وفي بيت غيره أخرى والصفة في هذه كالبيت فيحنث لهذا وإن دخل عليه في مسجد لم يحنث لأنه معد للعبادة فيه لا للبيتوتة والجلوس لدخول الزائرين عليه وكذلك إن دخل عليه في ظلة أو سقيفة أو دهليز باب دار لم يحنث لأن العرف الظاهر أن جلوسه لدخول الزائرين عليه لا يكون في مثل هذه المواضع عادة وإنما يكون نادرا عند الضرورة فأما الجلوس عادة يكون في الصفة أو البيت فهو وإن أتاه في هذه المواضع لا يكون داخلا عليه ولا يحنث وكذلك لو دخل عليه في فسطاط أو خيمة أو بيت شعر لم يحنث إلا أن يكون الحالف من أهل البادية والحاصل أنه جعل قوله لا أدخل على فلان وقوله لا أدخل عليه بيتا سواء لاعتبار العرف كما بينا وإذا حلف لا يدخل عليه بيتا فدخل عليه في المسجد أو الكعبة لم يحنث لأنه مصلى والبيت اسم للموضع المعد للبيتوتة فيه .
( فإن قيل ) أليس أن الله تعالى سمي الكعبة بيتا بقوله إن أول بيت وضع للناس وسمي المساجد بيوتا في قوله في بيوت أذن الله .
( قلنا ) قد بينا أن