بالحنث محظور فيصلح سببا للكفارة فأما الغموس محظور محض لأن الكذب بدون الاستشهاد بالله تعالى محظور محض فمع الاستشهاد بالله تعالى أولى فلا يصلح سببا للكفارة .
ثم الكفارة تجب خلفا عن البر الواجب باليمين ولهذا يجب في المعقودة على أمر في المستقبل بعد الحنث لأن قبل الحنث ما هو الأصل قائم فإذا حنث فقد فات الأصل فتجب الكفارة ليكون خلفا ويصير باعتبارها كأنه على بره وهذا إنما يتصور في خبر فيه توهم الصدق أنه ينعقد موجبا للأصل ثم الكفارة خلف عنه وفي مس السماء هكذا لأن السماء عين ممسوسة فلتصور البر انعقدت اليمين ثم لفواته بالعجز من حيث العادة تلزمه الكفارة في الحال خلفا عن البر فأما فيما نحن فيه لا تصور للبر فلا ينعقد موجبا لما هو الأصل فلا يمكن أن يجعل موجبا للخلف ولأنه حينئذ لا يكون خلفا بل يكون واجبا ابتداء ولا يمكن جعل الكفارة واجبة باليمين ابتداء لأنها حينئذ لا تكون كبيرة بل تكون سبب التزام القربة ومعنى قوله تعالى ! < ذلك كفارة أيمانكم > ! 89 إذا حلفتم وحنثتم ومن أسباب الوجوب ما هو مضمر في الكتاب كقوله تعالى ! < فمن كان منكم مريضا أو على سفر > ! 184 فأفطر ! < فعدة من أيام أخر > ! ثم إن الله تعالى أوجب الكفارة بعد عقد اليمين بقوله ! < بما عقدتم الأيمان > ! 89 والقراءة بالتشديد لا تتناول إلا المعقودة وكذلك بالتخفيف لأنه يقال عقدته فانعقد كما يقال كسرته فانكسر وإنما يتصور الانعقاد فيما يتصور فيه الحل لأنه ضده قال القائل ولقلب المحب حل وعقد ولا يتصور ذلك في الماضي أو المراد بقوله ! < بما كسبت قلوبكم > ! 225 المؤاخذة بالوعيد في الآخرة لأن دار الجزاء في الحقيقة الآخرة فأما في الدنيا قد يؤاخذ المطيع ابتداء وينعم على العاصي استدراجا والمؤاخذة المطلقة محمولة على المؤاخذة في الآخرة وبفصل الشرط والجزاء يستدل على ما قلنا فإنه إذا أضيف إلى الماضي يكون تحقيقا للكذب ولا يكون يمينا وإليه يشير في الكتاب ويقول أمر الغموس أمر عظيم والبأس فيه شديد معناه أن ما يلحقه من المأثم فيه أعظم من أن يرتفع بالكفارة والنوع الثالث يمين اللغو فنفي المؤاخذة بها منصوص في القرآن قال الله تعالى ! < لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم > ! 225 .
واختلف العلماء في صورتها فعندنا صورتها أن يحلف على أمر في الماضي أو في الحال وهو يرى أنه حق ثم ظهر خلافه وهو مروي عن زرارة بن أبي أوفي وعن بن عباس رضي الله تعالى عنهما في إحدى الروايتين .
وعن محمد رحمه الله قال هو قول الرجل في كلامه لا والله بلى والله وهو قريب من قول الشافعي رضي الله تعالى عنه فإن عنده اللغو