! < وإني خفت الموالي من ورائي > ! وقد يكون بالعتق وقد يكون بالموالاة فما لم يفسروا لم يتمكن القاضي من القضاء بشيء وكذا لو شهدا أن الميت مولى هذا مولى عتاقه لأن اسم مولى العتاقة يتناول الأعلى ويتناول الأسفل فلا يدري القاضي بأي الأمرين يقضي وأيهما كان أعتق صاحبه .
( فإن قيل ) هذا الاحتمال يزول بقولهما ووارثه فإن الأسفل لا يرث من الأعلى وإنما يرث الأعلى من الأسفل .
( قلنا ) بهذا لا يزول الاحتمال فمن الناس من يرى توريث الأسفل من الأعلى وهو باطل عندنا ولعل الشاهدين اعتقدا ذلك وقصدا به التلبيس على القاضي يعلمهما أنهما لو فسرا لم يقض القاضي له بالميراث ثم قد يكون مولى عتاقه له بإعتاق منه وبإعتاق من أبيه أو بعض أقاربه وبين الناس كلام في الإرث بمثل هذا الولاء يختص به العصبة أم يكون بين جميع الورثة فلهذا لا يقضى بشهادتهما ما لم يفسرا .
فإن شهدا أن هذا الحي أعتق هذا الميت وهو يملكه وهو وارثه لا يعلمون له وارثا سواه جازت الشهادة لأنهم فسروا ما شهدوا به على وجه لم يبق فيه تهمة التلبيس ويستوى في هذا الشهادة على الشهادة وشهادة الرجال مع النساء لأنهم يشهدون بسبب استحقاق المال فهو بمنزلة شهادتهم على النسب وإن لم يشهدوا أنه وارثه لم يرث منه شيئا لأن استحقاق الإرث بولاء العتاقة مقيد بشرط وهو أن لا يكون للميت عصبة نسبا ولا يثبت ذلك الشرط إلا بشهادتهم وقولهم لا نعلم له وارثاغيره ليس بشهادة إنما الشهادة على ما يعلمون وكما أنهم لا يعلمون فالقاضي لا يعلم فعرفنا أن هذا ليس هو المشهود به فلا بد من أن يشهدوا أنه وارثه وكذلك إن شهدوا على عتق كان من أبيه وفسروا على وجه يثبت وراثته منه .
فإن قالا لم ندرك أباه هذا المعتق ولكنا قد علمنا هذا لم نجز شهادتهما على هذا أما على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى فلأنهما لا يجوز أن الشهادة على الولاء بالتسامع .
وأما أبو يوسف رحمه الله تعالى يجوز ذلك ولكن إذا أطلقا الشهادة عند القاضي فأما إذا بينا أنهما لم يدركا وأنما يشهدان بالتسامع فالقاضي لا يقبل ذلك وبيان هذا في كتاب الشهادات .
ولو أقام المدعي شاهدين أنه أعتق أم هذا الميت وأنها ولدته بعد ذلك بمدة من عبد فلان وأن أباه مات عبدا أو ماتت أمه ثم مات وهو وارثه فقد فسروا الأمر على وجهه فإن القاضي يقضي له بالميراث .
( قال ) ( فإن أقام رجل البينة أنه كان أعتق أباه قبل أن يموت وهو يملكه وإنه وارثه فإنه يقضي له بالميراث ) لأنه أثبت