مولى لميمونة بنت الحارث فوهبت ولاءه لابن العباس وهذا لأن الهبة عقد تمليك فيستدعي شيئا مملوكا يضاف إليه عقد الهبة ليصح التمليك فيه وليس للمعتق على معتقه شيء مملوك وعلى هذا لو تصدق بولاء العتاقة أو أوصى به لإنسان فهو باطل وكذلك لو باع ولاء العتاقة فهو باطل لما قلنا ولأن البيع يستدعي مالا متقوما والولاء ليس بمال متقوم .
وقد بينا في أول الكتاب أن الولاء نفسه لا يورث إنما يورث به كالنسب والإرث قد يثبت فيما لا يحتمل البيع والهبة كالقصاص فإذا كان لا يورث فلان لا يتحقق فيه البيع والهبة والصدقة كان أولى وولاء الموالاة قياس ولاء العتق لا يجوز بيعه من أحد ولا هبته لما قلنا بل أولى لأن ولاء الموالاة يعتمد التراضي والأسفل غير راض بأن يكون ولاؤه لغير من عاقده وولاء العتق لا يعتمد التراضي فإذا لم يصح التحويل هناك فهنا أولى وإن كان الذي أسلم ووالى هو الذي باع ولاءه من آخر أو وهبه كان ذلك نقضا للولاء الأول وموالاة مع هذا الثاني إن لم يكن عقل عنه الأول لأن قصده بتصرفه أن يكون ولاؤه للثاني فيجب تحصيل مقصوده بطريق الإمكان ألا ترى أنه لو عقد مع الثاني بغير محضر من الأول كان ذلك نقضا منه للولاء الأول بخلاف الأعلى فإنه لا يملك نقض ولائه بغير محضر منه بحال ولكن بيع الأسفل من الثاني باطل حتى يرد عليه ما قبض من الثاني من الثمن لأن البيع لا ينعقد إلا على مال متقوم والولاء ليس بمال فلا ينعقد به البيع مضافا إليه كالميتة والدم وإذا لم ينعقد البيع لا يملك البدل بالقبض فلا ينفذ عتقه فيه والله أعلم بالصواب .
$ باب عتق الرجل عبده عن غيره $ ( قال ) ذكر في الأصل حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن بريرة أتتها تسألها في مكاتبتها فقالت لها اشتريك فأعتقك وأوفي عنك أهلك فذكرت ذلك لهم فقالوا إلا أن نشترط الولاء لنا فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اشتريها وأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق فاشترتها فأعتقتها وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل كتاب الله أحق وشرط الله أوثق ما بال أقوام يقولون اعتق يا فلان والولاء لي إنما الولاء لمن أعتق .
ثم قال هذا وهم من هشام بن عروة ولا يأمر