وكذلك في جر الولاء بعتق الجد لو أعتق الأب فلا بد من القول بأن الأب جر ولاء الولد إلى مواليه والجد أب وبعد ما ثبت جر الولاء بالأبوة لا يتحقق نقله إلى غيره .
( قال ) ( وإذا أسلم رجل على يد رجل ووالاه ثم أسر أبوه فأعتق فإن الابن يكون مولى لموالي الأب ) لأن ولاء الموالاة ضعيف والضعيف لا يظهر في مقابلة القوي فكأنه لا ولاء على الولد لأحد وهذا بخلاف ما لو كان الابن معتق إنسان فأعتق أباه إنسان آخر فإنه لا ينجر ولاء الابن إليه لأن الولاء الثابت على الابن مثل الولاء الذي ظهر للأب وهو في هذا مقصود فبعدما صار مقصودا في حكم لا يمكن جعله تبعا في عين ذلك .
( قال ) ( وإذا تزوج العبد حرة فولدت له أولادا فأولادها موال لموالي الأم معتقة كانت أو موالية ) فمتى أعتق أبوهم جر ولاءهم إلى مولاه أما إذا كانت موالية فلأن الولد لو كان مقصودا بولاء الموالاة كان يسقط اعتباره بظهور ولاء العتق للأب فكيف إذا كان تبعا .
وأما كانت معتقة فلأن الولد هنا تبع في الولاء وإنما كان تبعا للأم لضرورة عدم الولاء للأب والثابت بالضرورة لا يبقى بعد ارتفاع الضرورة .
وإذا كانت الأم معتقة إنسان والأب حر مسلم نبطي لم يعتقه أحد فالولد مولى لموالي الأم في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وكذلك إن كان الأب وإلى رجلا .
وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى في الفصلين لا يكون الولد مولى لموالي الأم ولكنه منسوب إلى قوم أبيه قال وكيف ينسب إلى قوم أمه وأبوه حر له عشيرة وموال بخلاف ما إذا كان الأب عبدا وتقرير هذا من وجهين أحدهما أن العبد رقيق بجميع أجزائه وماؤه جزء منه فإنما تثبت الحرية لمائة لاتصاله برحمها فلهذا كان الولد مولى لمواليها حتى يعتق الأب وهذا المعنى معدوم إذا كان الأب حرا .
ألا ترى أنه لو كان حرا عربيا كان الولد منسوبا إلى قوم أبيه ولا يكون مولى لموالي أمه فكذلك إذا كان أعجميا لأن العرب والعجم في حرية الأصل سواء .
والثاني أن الرق تلف حكما فإذا كان الأب عبدا كان حال هذا الولد في الحكم كحال من لا أب له فيكون منسوبا إلى مولى الأم وهذا المعنى معدوم إذا كان الأب حرا لأن الحرية حياة باعتبار صفة المالكية والعرب والعجم فيه سواء .
وجه قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى أن ولاء العتاقة ولاء نعمة وهو قوي معتبر في الأحكام والحرية والنسب في حق العجم ضعيف .
ألا ترى أن حريتهم تحتمل الإبطال بالاسترقاق بخلاف حرية العرب ولأن العجم ضيعوا أنسابهم