هذا القول قوله عليه الصلاة والسلام لا صلاة إلا بقراءة .
وقيل لخباب بن الأرت رضي الله تعالى عنه بم عرفتم قراءة رسول الله في صلاة الظهر والعصر قال باضطراب لحيته وقال قتادة رضي الله عنه كان رسول الله يسمعنا الآية والآيتين في صلاة الظهر أحيانا .
وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه سجد رسول الله في صلاة الظهر فظننا أنه قرأ الم تنزيل السجدة وقد كان النبي في الابتداء يجهر بالقرآن في الصلاة كلها وكان المشركون يؤذونه ويسبون من أنزل ومن أنزل عليه فأنزل الله تعالى ! < ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا > ! 110 فكان يخافت بعد ذلك في صلاة الظهر والعصر لأنهم كانوا مستعدين للأذي في هذين الوقتين ويجهر في صلاة المغرب لأنهم كانوا مشغولين بالأكل وفي صلاة العشاء والفجر لأنهم كانوا نياما ولهذا جهر في الجمعة والعيدين لأنه أقامها بالمدينة وما كان للكفار بها قوة الأذي .
وقد صح رجوع بن عباس رضي الله عنه عن هذا القول فإن رجلا سأله أأقرأ خلف إمامي فقال أما في الظهر والعصر فنعم وتأويل قوله عجماء أي ليس فيها قراءة مسموعة ونحن نقول به .
وحد القراءة في هاتين الصلاتين أن يصحح الحروف بلسانه على وجه يسمع من نفسه أو يسمع منه من قرب أذنه من فيه فأما ما دون ذلك فيكون تفكرا ومجمجة لا قراءة فإن كان وحده يخافت في هاتين الصلاتين كالإمام فأما في صلاة الجهر فيتخير فإن شاء خافت لأن الجهر لإسماع من خلفه وليس خلفه أحد وإن شاء جهر وهو أفضل لأنه يكون مؤديا صلاته على هيئة الصلاة بالجماعة والمنفرد مندوب إلى هذا وكذلك في التهجد بالليل إن شاء خافت وإن شاء جهر وهو أفضل .
لما روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي في تهجده كان يؤنس اليقظان ولا يوقظ الوسنان .
ومر النبي بأبي بكر وهو يتهجد ويخفي بالقراءة وبعمر وهو يجهر بالقراءة وببلال وهو ينتقل من سورة إلى سورة فلما أصبحوا سأل كل واحد منهم عن حاله فقال أبو بكر رضي الله عنه كنت أسمع من أناجيه وقال عمر رضي الله عنه كنت أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان وقال بلال رضي الله عنه كنت أنتقل من بستان إلى بستان .
فقال لأبي بكر ارفع من صوتك قليلا ولعمر اخفض من صوتك قليلا ولبلال إذا ابتدأت سورة فأتمها وكان بن ليلى رحمه الله يقول يتخير الإمام في التسمية بين الجهر والمخافتة وهذا مذهبه في كل ما اختلف فيه الأثر كرفع اليد عند الركوع وتكبيرات العيد ونحوها