.
$ باب كتابة أهل الكفر $ ( قال ) رضي الله عنه ( ذمي ابتاع عبدا مسلما فكاتبه فهو جائز ولا يرد ) لأن شراءه صحيح عندنا فإنما كاتب ملكه وكان مجبرا على بيعه ليزول به ذل الكفر عن المسلم وقد حصل هذا بالكتابة لأن المكاتب بمنزلة الحر يدا وإن كاتبه على خمر أو خنزير لم يجز لأن القابل مسلم وهو ليس من أهل أن يلتزم في ذمته الخمر بالعقد ولكنه إن أدى الخمر عتق لأن الكتابة انعقدت مع الفساد فيعتق بأداء البدل المشروط وعليه قيمته لأن رقبته سلمت له بحكم عقد فاسد فيلزمه قيمته وكذلك إن كان المولى هو المسلم وقد بينا هذا الحكم فيما إذا كانا مسلمين .
فإذا كان أحدهما مسلما أولى ذمي كاتب عبدا كافرا على خمر فهو جائز لأن الخمر في حقهم مال متقوم بمنزلة الخل والعصير في حقنا .
فإن أسلم العبد فالمكاتبة جائزة وعليه قيمة الخمر وهذا استحسان وفي القياس يبطل العقد لأن الإسلام ورد والحرام مملوك بالعقد غير مقبوض فيجعل كالمقترن بالعقد كما في البيع .
ولكنه استحسن فقال قد صحت الكتابة بصحة التسمية في الابتداء وباعتبار صحة العقد يثبت للعبد صفة المالكية يدا فبإسلامه يتأكد ملك المالكية ولا يجوز أن يكون إسلامه مبطلا مالكيته .
وإذا بقيت الكتابة وقد تعذر عليه تسليم الخمر بإسلامه مع بقاء السبب الموجب للتسليم فيجب قيمته كما لو تزوج الذمي ذمية على خمر بغير عينها ثم أسلم أحدهما إلا أن أبا يوسف رحمه الله تعالى هناك يوجب مهر المثل لأن بقاء العقد بعد فساد التسمية هناك ممكن فيجعل الإسلام الطارئ كالمقارن وهنا لا يمكن إبقاء العقد مع فساد التسمية ولا بد من إبقاء العقد لما قلنا فتبقى التسمية معتبرة أيضا فلهذا يجب قيمة الخمر .
وإن كاتبه على ميتة أو دم لم يجز لأن هذا ليس بمال في حقهم وشرط صحة التسمية في الكتابة أن يكون المسمى مالا .
ثم قد بينا حكم هذا في حق المسلمين أنه لا يعتق بالأداء لأن العقد غير منعقد أصلا إلا أن يكون المولى قال في الكتابة إذا أديت إلي فأنت حر ثم أداه وقبله السيد فيعتق بقوله أنت حر لا بالأداء ولا يرجع عليه السيد بشيء فكذلك في حق الذمي لأن معنى انعدام المالية في الميتة يعمهما .
وإذا كاتب النصراني أم ولده فأدت بعض الكتابة ثم أسلمت ثم عجزت فردها القاضي وقضى عليها بالقيمة لتعذر بيعها بسبب الاستيلاد فإنه لا يحتسب بما أخذه السيد منها بهذه القيمة وكذلك إن أدته بعد إسلامها لأنها حين