وقيل يضع إحداهما على الأخرى لأن القنوت مشبه بالقراءة وهو الأصح فالوضع سنة القيام فكل قيام فيه ذكر فإنه يطول فالوضع فيه أولى .
وعن محمد بن الحنفية رضى الله تعالى عنه قال الدعاء أربعة دعاء رغبة ودعاء رهبة ودعاء تضرع ودعاء خفية .
ففي دعاء الرغبة يجعل بطون كفيه نحو السماء وفي دعاء الرهبة يجعل ظهر كفيه إلى وجهه كالمستغيث من الشيء وفي دعاء التضرع يعقد الخنصر والبنصر ويحلق بالإبهام والوسطى ويشير بالسبابة ودعاء الخفية ما يفعله المرء في نفسه وعلى هذا قال أبو يوسف رحمه الله تعالى في الإملاء يستقبل بباطن كفيه القبلة عند افتتاح الصلاة واستلام الحجر وقنوت الوتر وتكبيرات العيد ويستقبل بباطن كفيه السماء عند رفع الأيدي على الصفا والمروة وبعرفات وبجمع وعند الجمرتين لأنه يدعو في هذه المواقف بدعاء الرغبة .
والاختيار الإخفاء في دعاء القنوت في حق الإمام والقوم لقوله خير الدعاء الخفي .
وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن الإمام يجهر والقوم يؤمنون على قياس الدعاء خارج الصلاة .
قال ( وإذا أم الرجل نساء في مسجد جماعة ليس معهن رجل فلا بأس بذلك ) لما روى عن عمر رضى الله تعالى عنه أنه أمر أبي بن كعب أن يصلي بالرجال في ليالي رمضان وسليمان بن أبي حثمة بأن يصلى بالنساء ولأن المسجد ليس بموضع الخلوة فلا بأس للرجل أن يجمع معهن فيه فأما في غير المسجد من البيوت ونحوها فإنه يكره ذلك إلا أن يكون معهن ذو رحم محرم منهن لقوله ألا لا يخلون رجل بامرأة ليس منها بسبيل فإن ثالثهما الشيطان وبتفرد النساء يزداد معنى خوف الفتنة فلا تزول الكراهة إلا أن يكون معهن محرم لحديث أنس رضى الله تعالى عنه أن النبي صلى بهم في بيتهم قال فأقامني واليتيم من ورائه وأقام أمي أم سليم وراءنا ولأن بوجود المحرم يزول معنى خوف الفتنة ويستوى إن كان المحرم لهن أو لبعضهن وتجوز الصلاة بكل حال لأن الكراهة لمعنى في غير الصلاة .
قال ( رجل فاتته الصلاة بالجماعة في مسجد حيه فإن أتى مسجدا آخر يرجو إدراك الجماعة فيه فحسن وإن صلى في مسجد حيه فحسن ) لحديث الحسن قال كانوا إذا فاتتهم الجماعة فمنهم من يصلى في مسجد حيه ومنهم من يتبع الجماعة ومراده الصحابة ولأن في كل جانب مراعاة جهة وترك أخرى في أحد الجانبين مراعاة حرمة مسجده وترك الجماعة وفي الجانب الآخر مراعاة فضيلة الجماعة وترك حق مسجده فإذا تعذر الجمع بينهما مال إلى