$ كتاب المكاتب $ ( قال ) الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الإسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله الكتابة لغة هو الضم والجمع يقول كتب البغلة إذا جمع بين سفريها بحلقة ومنه فعل الكتابة لما فيها من الضم والجمع بين الحروف فسمي العقد الذي يجري بين المولى وعبده بطريق المعاوضة كتابة إما لأنه لا يخلو عن كتبة الوثيقة عادة ولهذا سمي مكاتبة على ميزان المفاعلة لأن العبد يكتب لمولاه كما يكتب المولى لعبده ليكون في يد كل واحد منهما ما يتوثق به أو سمي كتابة لأن المولى به يضم العبد إلى نفسه في إثبات صفة المالكية له يدا فإن موجب هذا العقد ثبوت المالكية للعبد يدا في نفسه وكسبه لأن المالكية عبارة عن ضرب قوة وقد ثبتت له هذه القوة بنفس العقد حتى يختص بالتصرف في منافعه ومكاسبه ويذهب للتجارة حيث شاء ولهذا لا يمنعه المولى من الخروج للسفر ولو شرط عليه أن لا يخرج كان الشرط باطلا لأن ذلك ثابت له بضرورة هذه المالكية .
ومقصود المولى من إثبات هذه المالكية له أن يتمكن من أداء المال بالتكسب وربما لا يتمكن منه إلا بالخروج من بلدة إلى بلدة وموجب العقد ما يثبت بالعقد المطلق ثم عتقه عند أداء المال لإتمام هذه المالكية لأن العقد معاوضة فيقتضى المساواة بين المتعاقدين وأصل البدل يجب للمولى في ذمته بنفس العقد ولكن لا يتم ملكه إلا بالقبض لأن الذمة تضعف بسبب الرق فإن صلاحية الذمة لوجوب المال فيها من كرامات البشر وذلك ينتقض بالرق كالحل الذي ينبني عليه ملك النكاح ولهذا لا يثبت الدين في ذمة العبد إلا متعلقا بمالكية رقبته وهذا لا يتحقق فيما كان واجبا للمولى لأن المالكية حقه فلهذا كان ما يجب له ضعيفا في ذمته فثبت للعبد بمقابلته مالكية ضعيفة أيضا ثم إذا تم الملك المولى بالقبض تتم المالكية للعبد أيضا وتمام المالكية لا يكون إلا بالعتق فيعتق لضرورة إتمام المالكية