السابق استحق ولاء نصيبه على وجه لا يحتمل الإبطال فهو وإن ضمن شريكه بعد ذلك لم يتحول الملك في نصيبه إلى الشريك لأن المدبر لا يحتمل النقل من ملك إلى ملك ورجوع الضامن على الغلام باعتبار أنه يقوم مقام من ضمنه لا باعتبار أنه يصير مالكا ولهذا كان الولاء بينهما وإن لم يعتقه الثاني ولكن ضمن المدبر قيمة نصيبه صار الغلام كله للمدبر لأن نصيب الشريك غير مدبر فيملكه بالضمان ويكون حاله كحال من دبر نصف عبده فهو مملوك له نصفه مدبر ونصفه غير مدبر وإن لم يضمنه ولكن استسعاه فأدى إليه السعاية عتق نصيبه حكما بأداء السعاية فيكون المدبر بالخيار إن شاء أعتق نصيبه وإن شاء استسعى في قيمة نصيبه وليس له أن يضمن شريكه بخلاف ما لو أعتقه لأن الاستسعاء كان بسبب التدبير الموجود منه فهذا عتق حصل بسبب رضى المدبر به فلهذا لا يضمنه بهذا السبب وإذا أعتقه ابتداء فلم يكن ذلك العتق بسبب التدبير الموجود في المدبر فله أن يضمنه إن شاء وهذا قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأما عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى إذا دبره أحدهما كان مدبرا كله ويضمن نصف قيمته لشريكه موسرا كان أو معسرا لأن التدبير عندهما لا يتجزي فيصير المدبر متملكا نصيب شريكه وروى المعلي عن أبي يوسف رحمهما الله تعالى أن المدبر إذا كان معسرا فالمدبر يسعى في نصف قيمته سعاية ملك لا سعاية ضمان وفي هذا أشار إلى الفرق بين التدبير والاستيلاد كما روينا في نظير هذا .
عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن السعاية على أم الولد سعاية ضمان لأنه لا يلزمها السعاية في ديون مولاها .
وأما السعاية على المدبر سعاية ملك على معنى أن كسبه مملوك للمولى فيكون مصروفا إلى دينه .
ألا ترى أن عليه السعاية في دين مولاه بعد الموت وليس ذلك على أم الولد .
قال بن أبي ليلى إذا دبر أحدهما كان للآخر بيع حصته منه لأنه لما ملك الآخر استدامة الملك في نصيبه غير مدبر عرفنا أن التدبير لم يؤثر في نصيبه فكان له أن يبيعه ولكنا نقول بالتدبير يجب حق العتق في بعضه في الحال وذلك مانع من بيعه كحقيقة العتق وقال بن أبي ليلى أيضا إذا دبر أحدهما ثم أعتق الآخر فالتدبير باطل والعتق جائز وهو بناء على أصله أن العتق لا يتجزأ فيبطل به تدبير المدبر فيضمن المعتق للمدبر إن كان موسرا ولكنا نقول المدبر استحق ولاء نصيبه على وجه لا يحتمل الإبطال فلا يبطل ذلك بإعتاق الآخر .
( قال ) ( أمة بين رجلين قالا جميعا لها أنت حرة بعد موتنا لم تصر مدبرة ) لأن عتق نصيب كل واحد منهما ما تعلق بمطلق موته