فروع هذه المسألة فيما أمليناه من شرح الدعوى والفرق بينهما إذا كان الولد كافرا والوالد مسلما أو على عكس ذلك وما استقر عليه قول أبي يوسف رحمه الله تعالى أن حكمه كحكم المغرور وبينا في كتاب النكاح أيضا أن الأب لو كان تزوجها بإذنه أو بغير إذنه بنكاح صحيح أو فاسد والأب حر أو عبد لم تصر أم ولد له لأنه مستغن عن تملكها في ثبوت نسب ولده فإن شبهة النكاح تكفي لذلك وفي الكتاب قال هذا والأول سواء في القياس يعني لا يتملكها ولكن يثبت النسب باعتبار الغرور كما استقر عليه قول أبي يوسف غير أني أخذت في الأول بالاستحسان يعني أن تملكها عليه بضمان القيمة بهذا السبب نوع استحسان لتحقق صيانة مائه ولإثبات حرية الأصل للولد وحق أمية الولد لها .
( قال ) ( ولو ولدت أمة الرجل ولدا وأدعاه المولى وأبوه معا فالمولى أحق به ) لأن صحة دعوته باعتبار حقيقة الملك وصحة دعوة الأب باعتبار تأويل الملك وتأويل الملك لا يعارض حقيقة الملك ثم دعوة الولد تمنع الأب من أن يتملك الجارية بدعوته وبدون هذا الشرط لا يصح استيلاده ولا يثبت النسب منه .
( قال ) ( وإذا وطىء الرجل أمة لمكاتبه فولدت ولدا فادعاه وصدقه المكاتب فهو ولده بالقيمة وعليه العقر ) لأن له حق التملك في كسب العبد المكاتب وذلك بمنزلة المغرور أو أقوى منه فكما يثبت النسب هناك ويكون الولد حرا بالقيمة وعليه العقر فكذلك هنا إلا أنه اعتبر تصديق المكاتب لأن المولى حجر على نفسه التصرف في كسب المكاتب والدعوة تصرف فلا ينفذ إلا بتصديق المكاتب بخلاف الأب فإنه ما حجر على نفسه التصرف في مال الولد عند الحاجة فلا يحتاج إلى تصديق الولد ثم عند التصديق في المكاتب لا تصير الجارية أم ولد له لأن حق الملك ثابت له في كسبه وذلك كاف لإثبات نسب الولد .
ألا ترى أن بعجزه ينقلب حقيقة ملك فلا حاجة به إلى التملك وليس للأب في مال الولد ملك ولا حق ملك ولا يمكن إثبات النسب منه إلا باعتبار تملك الجارية يوضحه أنه ليس للمولى حق التملك في كسب المكاتب عند الحاجة وللأب ذلك في ملك الولد فإذا ملك المولى الجارية يوما من الدهر صارت أم ولد له لأنه ملكها وله منها ولد ثابت النسب وإن كذبه المكاتب ثم ملكه يوما ثبت نسبه منه لأن حق الملك له في المحل كان مثبتا للنسب منه عند صحة دعوته إلا أن بمعارضة المكاتب إياه بالتكذيب امتنع صحة دعوته وقد زالت هذه المعارضة حين ملكه .
( قال ) ( وإن وطىء مكاتبة مكاتبة فولدت ولدا فادعاه وصدقته المكاتبة