فكذلك تقبل فيما جعل بناء على الولادة .
ألا ترى أنه لو قال إن كان بها حبل فهو مني ثم جاءت امرأة تشهد على الولادة بعد هذا القول بيوم صارت أم ولد له وبالاستيلاد يثبت حق الحرية ولكن أبو حنيفة رحمه الله تعالى يفرق فيقول الاستيلاد من أحكام نسب الولد فأما هذا العتق ليس من حكم الولادة وشهادة القابلة حجة ضرورية فلا تكون حجة إلا فيما هو في حكم الولادة وإن قال لها أنت حبلى فإذا ولدت فأنت حرة فشهدت امرأة على الولادة عتقت لا بشهادة القابلة عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى بل بمجرد قول الأمة لأنه لما أقر بأنها حبلى فقد جعل شرط وقوع العتق عليها ظهور ما هو موجود في بطنها وقد ظهر بقولها كما إذا قال لها إذا حضت فأنت حرة وقد تقدم نظير هذا في الطلاق وإذا قال لها إذا حبلت فأنت حرة ثم وطئها فينبغي له في الورع والتنزه أن يعتزلها حتى يعلم أحامل هي أم لا لأن سبب الحبل هو الوطء فبعدما وطئها يحتمل أنها قد حبلت وقد عتقت فلو وطئها كان حراما عليه والتحرز عن الحرام واجب فلهذا نأمره على طريق التنزه أن يعتزلها فإذا حاضت علمنا أنها ليست بحامل فيطأها مرة أخرى بعد ما تطهر وهكذا دأبه ودأبها وإن ولدت بعد هذه المقالة لأكثر من سنتين وقد وطئها قبل الولادة لأقل من ستة أشهر فعليه العقر لأنا تيقنا بوجود شرط العتق بعد اليمين وتيقنا بأنه وطئها بعد ما علقت فإنما وطئها وهي حرة بالشبهة فعليه العقر وإن ولدته لأقل من سنتين لم تعتق لأنا لم نتيقن بوجود الشرط وهو الحبل بعد اليمين لجواز أن يكون هذا الولد من علوق كان قبل اليمين .
( فإن قيل ) فأين ذهب قولكم أن يستند العلوق إلى أقرب الأوقات .
( قلنا ) نعم يستند العلوق إلى أقرب الأوقات إذا لم يكن فيه إثبات العتق بالشك لأن العتق بالشك لا ينزل وقد تقدم نظيره في الرجعة في الطلاق وإذا قال لأمتيه ما في بطن أحداكما حر فله أن يوقع على أيهما شاء لأن ما في البطن في حكم العتق كالمنفصل وقد بينا في المنفصل أنه لو أوجب العتق في غير المعين كان البيان إليه فكذلك فيما في البطن فإن ضرب إنسان بطن إحداهما فالقت جنينا ميتا وقع العتق على ما في بطن الأخرى لأن الذي انفصل ميتا خرج من أن يكون محلا للعتق ومزاحما للآخر فيما أوجب فيتعين العتق في الآخر ضرورة ولو ضرب بطن كل واحدة منهما رجل معا فالقتا جنينين ميتين لأقل من ستة أشهر منذ تكلم بالعتق كان على كل واحد منهما ما في جنين الأمة لأن كل واحد من الجنينين كان مملوكا يقينا وبعد إيجاب العتق في المجهول بقيا كذلك وقد بينا في المنفصلين أنه لو قتل