من الضارب لا يسقط حقه في الضمان فلهذا كان له أن يضمنه نصف قيمته مضروبا سوطا وأما حكم الجناية فإن الضارب يضمن نصف ما نقصه السوط الأول لشريكه في ماله لأن جنايته بضرب السوط الأول لاقى ملكا مشتركا بينهما ثم قد انقطعت سراية هذه الجناية بالعتق بعدها والجناية على المماليك فيما دون النفس لا تعقله العاقلة فلهذا يضمن له نصف النقصان بالسوط الأول في ماله ثم يضمن ما نقصه السوط الآخر كله لأنه صار بمنزلة المكاتب حين أعتق نصيبه وجنايته على مكاتبه وعلى مكاتب غيره موجبة للضمان عليه ويضمن نصف قيمته بعد السوطين لأنه مات من السوطين جميعا وأحدهما صار هدرا والآخر معتبر فيضمن نصف قيمته مضروبا سوطين ويجمع ذلك مع نقصان السوط الثاني فيكون على العاقلة لأن الجناية الثانية صارت نفسا فما يجب باعتبارها يكون على العاقلة وهذا تركة العبد يستوفي منه الشريك ما ضمن لأنه كان له حق الرجوع على العبد بما ضمن لشريكه فيرجع في تركته بعد موته وما بقي بعده فهو ميراث للمعتق لأن الولاء قد صار له في الكل .
وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا يغرم نقصان السوط الثاني لأنه بعتق البعض عتق كله والنقصان غير معتبر في الجناية على الأحرار ولكن يجب نصف ديته على عاقلته فإن كان له وارث فهو لوارثه وإلا فهو للمعتق ولا يرجع فيه بشيء مما ضمن لشريكه وإن كان المعتق معسرا فإن الشريك الذي لم يعتق لم يرجع بما غرمه من نقصان السوط الآخر ومن نصف قيمته مضروبا سوطين بل بنصف قيمة العبد لأنه كان له حق استسعاء العبد في ذلك فيستوفيه من تركته وما بقي فهو بين الشريك والمعتق وبين أقرب الناس إلى الضارب من العصبة لأن الولاء بينهما ولكن الضارب قاتل فيكون محروما عن الميراث ويجعل كالميت فيقوم أقرب عصبة مقامه في ذلك وعندهما الواجب نصف الدية يستوفي منه الضارب نصف القيمة وهو السعاية وما بقي فهو كله للمعتق لأن الولاء في الكل له عندهما .
وإذا قال كل مملوك أملكه فيما استقبل فهو حر فملك مملوكا مع غيره لا يعتق لأن شرط عتقه أن يملك مملوكا مطلقا ونصف المملوك لا يتناوله هذا الاسم فإن اشترى نصيب شريكه عتق لأن الشرط قد تم حين صار الملك في الكل له ولا فرق بين أن يملك المملوك جملة أو متفرقا وإن باع نصيبه أولا ثم اشترى نصيب شريكه لم يعتق لأنه لم يحصل في ملكه مملوك تام في شيء من أحواله والعرف الظاهر بين الناس أنهم يريدون بهذا اللفظ الملك التام ولو قال لمملوك بعينه إذا ملكتك فأنت حر فاشترى