وذكر في النوادر عن الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه لا بد أن يقول إني لمن الصادقين فيما رميتك به من الزنى وهي تقول أنت من الكاذبين فيما رميتني به من الزنى لأنه إذا ذكر بلفظة الغائبة يتمكن فيه شبهة واحتمال فلا بد من لفظ الخطاب وفي ظاهر الرواية لم يعتبر هذا لأن كل واحد منهما يشير إلى صاحبه والإشارة أبلغ أسباب التعريف .
فإذا فرغا من اللعان فرق الإمام بينهما لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما لاعن بين العجلاني وامرأته فقال العجلاني كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فهي طالق ثلاثا ففارقها قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يفارقها فكانت سنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما .
ثم الفرقة لا تقع عندنا إلا بتفريق القاضي .
وعند الشافعي رضي الله تعالى عنه تقع بنفس لعان الزوج .
وعلى قول زفر رحمه الله تعالى يقع الفرقة بلعانهما .
فالشافعي رحمه الله تعالى يقول سبب هذه الفرقة قول من الزوج مختص بالنكاح الصحيح فيتم به كالطلاق .
وزفر رحمه الله تعالى يستدل بقوله صلى الله عليه وسلم المتلاعنان لا يجتمعان أبدا فنفي الاجتماع بعد التلاعن تنصيص على وقوع الفرقة بينهما ولكنا نستدل بالحديث الذي روينا فإن العجلاني رضي الله تعالى عنه أوقع الثلاث عليها بعد التلاعن ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو وقعت الفرقة بينهما لأنكر عليه فإن قيل قد أنكر عليه بقوله اذهب فلا سبيل لك عليها .
( قلنا ) ذاك منصرف إلى طلبه رد المهر فإنه روى أنه قال أن كنت صادقا فهو لها بما استحللت من فرجها وإن كنت كاذبا فابعد اذهب فلا سبيل لك عليها ولأن الراوي قال فذلك السنة في المتلاعنين أن يفرق بينهما فدل أنه لا تقع الفرقة إلا بالتفريق وكان التفريق هنا بمنزلة فسخ البيع بسبب التحالف عند الاختلاف في الثمن ثم هناك لا ينفسخ البيع ما لم يفسخ القاضي فكذلك هنا وهذا لأن مجرد اللعان غير موضوع للفرقة ولا هو مناف للنكاح إلا أن الفرقة بينهما لقطع المنازعة والخصومة وفوات المقصود بالنكاح مع إصرارهما على كلامهما فلا يتم إلا بقضاء القاضي فأما قوله صلى الله عليه وسلم المتلاعنان لا يجتمعان أبدا حقيقة هذا اللفظ حال تشاغلهما باللعان كالمتقاتلين والمتضاربين فزفر رحمه الله تعالى يوافقنا أن في حال تشاغلهما باللعان لا تقع الفرقة بينهما .
ثم ذكر عن إبراهيم رضي الله تعالى عنه قال اللعان تطليقة بائنة وإذا أكذب الملاعن عن نفسه جلد الحد وكان خاطبا من الخطاب وبه أخذ أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى